على طريقة "أيزر" الذي قذف ابنه في النار
مؤتمر "الأفلان".. مناضلون أم مناورون؟
اختارت بعض الأحزاب العمل بـ: "الصندوق" في انتخاباتها باسم الشفافية و الديمقراطية الحزبية و رفضت فكرة "التعيين"، غير أن التجربة الحزبية في الجزائر أظهرت فشل هذا الاتجاه، بحيث أصبح الصندوق في الجزائر يفرز "الرداءة" بدليل ما حدث في انتخابات مجلس "الأمة" ، واكتشف ذلك المناضل البسيط أنه كان "مُخـَدِّرًا" بشعارات دار عليها الزمن، فلا تواصل في النضال و لا تقارب في الأفكار، و لا تفاعل في الحركات و التحركات، لأن المستويات مختلفة، و النوايا مغايرة ، و في ظل التطاحن غاب "الميكانيزم" الذي يمكن من خلاله أن نصنف هذا مخلص و ذاك خائن أو واحد شريف و آخر يداه ملوثتان، ومن مفارقات هذا الزمن أن يقع الاثنان في شباك واحد لأن من بيدهم زمام الأمور في حزب ما ( أيّ حزب) لم يَحُطوا السيئ ، و لم يشجعوا الحسن، أصيبوا بداء افقدهم البصر، فكان هذا الحزب عند شريحة من الانتهازيين و الوصوليين ومناضلي "المناسبات" أداة تحطيم و تهديم للمخلصين لهذا الحزب، بدلا من أن يكون وسيلة لتأطير المجتمع و تنظيمه..
ما يحدث في الجمعيات العامة الانتخابية لاختيار مندوبين لمؤتمر حزب ما، ينبئ بما وصل إليه المستوى النضالي داخل هذه الأحزاب، فعندما يعتمد مترشح على "الرشوة" أو كما تسمى في الجزائر سياسة "الشكارة"، و عندما يقدم مترشح وكالات "مزورة" من أجل الفوز ، و عندما يبيع مترشح بطاقات حزبه لأشخاص لا يؤمنون بإيديولوجية الحزب ، فهذا ينبئ بأن مستقبل الحزب في خطر، لأنه يضم في صفوفه "عصابات" و جمعيات أشرار محترفة ، تتقن فن "التخلاط" و تناور من أجل ضمان مصالحها الخاصة بشتى الطرق و الوسائل، وهنا يجد المناضلون المخلصون و أبناء الحزب أنفسهم في طريق مسدود من خلال السلبيات الموجودة، لأنهم لم يجدوا "الأرضية" المشتركة للنضال داخل إطار الحزب ( أيّ حزب) الذي اختار بعض مسيريه الطريق الذي اختاره ( أيزر) أب سيدنا إبراهيم عليه السلام، حين شارك مع قومه في قذف ابنه في "النار" فقط لأنه أراد تحرير عقول قومه و طاقتهم الداخلية، و الحفاظ على رصيده الحزبي و الارتقاء إلى أعلى الدرجات..
إن الثقافة الحزبية و التكوين السياسي للمناضل داخل الحزب ضروري بل شرط أساسي لبناء صرح الحزب، بعض الأحزاب شكلت لجنة لتكوين مناضليها و أبنائها سياسيا، و لكن (..؟ )، و لا يظن كل من يقرأ هذه "الخربشات" أن الكشف عن مظاهر سلبية موجودة داخل حزب ما معناه التنصل من الانتماء إليه، بل من أجل "المراجعة" قليلا في أموره الداخلية بشيء جدي و موضوعي مع ضمان الحقوق المكفولة، خاصة إذا تعلق الأمر اختيار "نوعية" المناضلين، و هي المشكلة التي تقع فيها جل الأحزاب داخل و خارج الجزائر، حيث غالبا ما تعتمد هذه الأحزاب على الكم لا الكيف في استقطاب المناضلين في صفوفها أو اختيارهم ليمثلوا قواعدهم النضالية في الملتقيات و المؤتمرات، و كثير ما يكون الاختيار مبني على أسس غير سليمة لتضارب المصالح و تغليب الفكر الجهوي، مما يجد العض منهم أمام فكرة "الإنسحاب" ..
إن من مفارقات الزمان أن يظن البعض أن فكرة "الانسحاب" أسلوب انهزامي، أو تأكيد على الفشل، و مخطئ من يعتقد ذلك، لأن "الانسحاب" أحيانا عند البعض "موقف" اتخذ في نقطة معينة في مسار الحياة ، حتى لا يكون الشخص المنسحب شريكا في جريمة قد تسيء إلى ذلك الحزب أو تشوه صورته و سمعته، يخطط لها و ينفذها أناس ضربوا بالقيم و الأخلاق النضالية عرض الحائط، ووقفوا على خشبة المسرح السياسي لعرض "عضلاتهم" بأنهم الأقوى، بعدما أصبحت في نظرهم قيم الأنانية و النزعة الفردية في أبشع صورها هي "السلطان"، و يمكننا أن نقول أن الذين ننعتهم بـ: "الفاشلين سياسيا" هم أشخاص لا يعرفون "التمسكن" السياسي ، أشخاص لا يبحثون عن "الشفشفة" كما قال أحد زعماء الثورة الجزائرية "..
علجية عيش