"النضال" الحزبي هل هو "مطاطة" قابلة للتلاعب بها دون ضابط؟
مؤتمر "الأفلان" و "المهدي المنتظر"
يا جبهة التحرير الوطني إن أبناؤك اليوم يقفون مشدوهين أمام التكالبات و التحالفات على الجبهة ، فبعد حرب الإبادة "الفرنسية" ها هم اليوم يواجهون حرب الإبادة "الحزبية"، و يطبقون عليهم سياسة ( أيها النمل ألزموا مساكنهم)
شهدت بعض قسمات حزب جبهة التحرير الوطني في جمعياتها العامة لتحضير المؤتمر التاسع توترات وتشنجات عنيفة بسبب التصدعات التي أصابت سقفها و امتدت إلى جدرانها وصلت حد المزايدات بين المناضلين مثلما حدث يوم الجمعة بالقسمة الرابعة بمدينة الصخر العتيق الجمعية التي كان عدد حضورها لا يتعدى أصابع اليد كاد اللقاء أن يحدث شرخا كبيرا ، حيث استنكر بعض من حضرها الإجراءات التي تمت فيها تحضير هذه الجمعية بعد تسجيل غياب كبير للمناضلين بسبب عدم استدعائهم لحضور الجمعية العامة ، و هذا ناتج طبعا عن الانشقاق الموجود بين أعضاء مكتب القسمة و غياب ثلاثة منهم لأسباب يطول شرحها..
و ما حدث بالقسمة الرابعة و ربما قد حدث هذا في قسمات أخرى التي تعيش بعض المشاكل يؤكد على المستوى النضالي لبعض المناضلين شوهت بذلك صورة جبهة التحرير الوطني ، هذه الجبهة التي كالجبال الرواسي، الجبهة التي كانت ذات شأن كبير عند الناس سواء من قريب أو من بعيد، لأن فكرة النضال أصبحت مثل "السلعة" تباع في السوق "الموازية" و أصبح كل من هب و دب يتحدث عن الجبهة و النضال و يقول أنا "جبهوي" و تجده يعزف على أوتاد "هشّة"..
لم تعد عبارة (جمعية أشرار) تتردد في المحاكم فقط أو تقرأ على صفحات الجرائد فحسب ، بل امتدت جذورها داخل ألأحزاب السياسية و ربما يكون أمرا عاديا لو تسربت جمعيات الأشرار هذه إلى حزب آخر،، لأن حرب "الكواليس" تحتاج إلى أناس بأوصاف معينة ، و لكن ما يؤسف له أو بالأحرى ما يدعو إلى الخجل أن تنغرس هذه الجمعيات في صفوف جبهة التحرير الوطني ، و ما أدراك ما جبهة التحرير الوطني، جبهة التحرير الوطني التي كانت شامخة الرأس و كانت فيها المرأة معززة مكرمة و كم هو مخجل عندما يناقش مشروع حزب جبهة التحرير الوطني و مستقبلها من قبل أناس ربما لا يعرفون كتابة أسمائهم و يتخذون من لغة (السوق) أسلوبا للحوار و يطلقون شتى التهم على أبناء الحزب الحقيقيين..
إننا في جبهة التحرير الوطني لا نفرق بين (ابن الحزب و المناضل في الحزب) و لا نعتقد أن أبناء الدار يسيئون لهذه الدار أو يجلبون لها المشاكل أو يشوهون سمعة ربّ الدار الذي وضع لها البنيان و الأسس و قدم كل ما يملك من أجل بنائها، أما الانتهازيين فهم يقبلون بالاعوجاج ما دام هدفهم الحصول على المكاسب، و لذلك تجدهم يقيمون الأسوار و يغلقون الأبواب حتى لا يدخل أبناءالحزب مطبقين في ذلك المقولة المعروفة بالعامية ( أخرج يا القرمود و ادخل با العمود) فهل سنبقى نعتمد على الكم دون الإهتمام بالكيف و النوعية، إن البيت يحتاج إلى أثاث و عندما تذهب إلى اقتناء أثاث ما ، فإنك لا محالة تختار نوع الأثاث، و من أراد أن يزرع في حقله بذورا ، فهو كذلك يختار البذور النقية المقاومة و ذات النوعية ، كذلك هو بالنسبة لاستقطاب المناضل في جبهة التحرير..
تشن هذه الجمعيات حملات الكراهية و العداء بين الإخوة و التفرقة بينهم باسم وجهات النظر لإفشال المشروع الجبهوي و إقصاء أبناء الحزب الحقيقيين حتى لا يشاركون في المؤتمر كمندوبين و هو الوجه الآخر للصراع، و ربما من حسن الاستعداد لمؤتمر توقع كل العقبات الهادفة إلى "تذليل" أبناء الجبهة الحقيقيين و التقليل من قيمتهم و الحط من شانهم و ربما تشويه صورتهم و تلطيخ سمعتهم و شرفهم لاسيما العنصر النسوي و الكيفية لمواجهتهم..
بدا الصراع داخل جبهة التحرير الوطني صراعا "جهويا" و اخذ طابعا جديدا و هو تحامل بعض المنتخبين بالمجلس الشعبي البلدي على بعض منتخبي المجلس الولائي و كان من المفروض أن يكون كل المنتخبين في قالب واحد لا لشيء إلا لأنهم ينتمون إلى منطقة واحدة ،و يبدو كذلك أن "الأمازيغ" ليس لهم مكان في قسنطينة هذه المدينة التي طالما فتحت ذراعيها للأغراب، ربما الخطأ الواقع هو أن الجبهة اعتمدت على أناس لا يتقنون سوى فن ( استعراض العضلات) و (...) بدلا من دعم الحزب بأفكار و التعامل معها برؤية متكاملة لكيان سياسي له تصوره المؤثر في حياة البلاد..
و ربما المؤتمر التاسع المقبل كذلك فرصة لإعادة صياغة الأفكار حول مفهوم "النضال" الحزبي إلى جانب تصحيح الرؤية السائدة لموضوع الهوية و الجذور التاريخية للجبهة، لأنها تضع من هو "حزبي" و من هو " مصلحجي" موضع تمييز و اختبار و كشف من كان يتخذ من "النضال الحزبي" كما يقول بعض المتوغلين في الممارسة السياسية و الحزبية "مطاطة قابلة للتلاعب بها في كافة الاتجاهات دون ضابط"، إنه لا أحد يمكنه أن يشك أن جبهة التحرير الوطني لا تعاني من قصر القامة التاريخية لرجالاتها الذي ضحوا بروحهم و دمائهم، و لهذا فإنه آن الأوان للإعادة الاعتبار للجبهة بالاعتماد على الكفاءات لا على سياسة (الشكارة) التي أقصت المناضلين المخلصين و حتى أبناء الجبهة الحقيقيين ذلك ما ننتظره من المهدي المنتظر في المؤتمر التاسع المقبل..
علجية عيش