تأثرت بنشاط "الحركة الوطنية الجزائرية"
منظمة "الإيتا" من العمل السياسي إلى الكفاح "المسلح"
لم تكن القومية الباسكية تتمتع بوحدة سياسية و لم تكوّن يوما دولة مستقلة معترف بها دوليا، و ما يزال الباسك إلى اليوم أمة ممزقة، و في ظل هذا التمزق ظهرت منظمة "الإيتا " كحركة تحررية من أجل الاستقلال التام ، و ظهور هذه الحركة يعود إلى تأثرها بحركات التحرر الوطنية في العالم الثالث نموذجا يحتذي به عند مؤسسي منظمة "الإيتا" و على رأس هذه الحركات "جبهة لتحرير الوطني" FLN التي كانت مصدر إلهام خاصة فيما يتعلق بالتسمية العسكرية للحركة، فعرفت بنفسها في مؤتمرها العام الأول الذي انعقد في فرنسا، بأنها حركة تحرير وطني اشتراكي و ليست طائفة دينية أو منظمة إرهابية
بلاد "الباسك"
تمتد الأراضي الباسكية شمالا حتى فارون، وش رقا حتى البيرينيه الأوسط ، و في الجنوب الغربي حتى بودقوس، و الباسك قسم إلى 07 مقاطعات، 04 في اسبانيا و 03 في فرنسا، و حسب الكتابات فقد عرفت هذه المقاطعات عد اضطرابات، حيث ضمت كل مقاطعة فيبوزكو و بيسكاو إلى مقاطعة الكاستل في القرن13 و 14 ، مقاطعة النافار تحت النفوذ الفرنسي ، و احتلها ملك أراغون في القرن 16، أما مقاطعة لابورد و سول ألحقتا بمملكة فرنسا منذ القرن 15 و 16، و انفصلت مقاطعة نافار الأدنى عن مافارو في عام 1530 ليتم دمجها في ملكة فرنسا عام 1620 ..
وفي القرن العشرين واصلت المقاطعات الإسبانية مسارها غير أنها انقسمت خلال الحرب الباردة بعضها اختار معسكر الجهوريين و آخرون اختاروا معسكر فرانكو، يتحدث ربع سكان الباسك باللغة الباسكية، و لم يُعترف بها كلغة رسمية إلا في نهاية السبعينيات و إدخالها في التعليم، و منذ 1979 أنشأت إذاعة مرئية تبث باللغة الباسكية، يقول الدكتور رجب بودبوس في كتابه (ماضي المستقبل) "صراع الهوية و الوطنية في عالم يتعولم" أن اللغة الباسكية – أوسكارا- لا تنتمي لعائلات اللغات الرومانية، و لا يمكن إرجاعها إلى أي مجموعة لغوية..
ظهور منظمة "الإيتا":
بعد تأسيس الحزب القومي الباسكي PNV عام 1895 على يد الكاثوليكي (سابينوواراما) عارض الاشتراكين و الديمقراطيين، و بعد نهاية الحرب الأهلية الإسبانية في أكتوبر 1936 منحت مقاطعة بيسكاي و فيبوزكو وضع الحكم الذاتي مقابل تقديم دعمها للجهوريين ضد الوطنيين أنصار فرانكو، في حين اختارت مقاطعة النافار السير في صف فرانكو، مما مكنها من تفادي القمع الذي أصاب السكان الباسكيين الآخرين الذين ساندوا الجمهوريين ، و قتل منهم أكثر من 50 ألف باسكي جمهوري، و 300 ألف أخذوا طريق الهجرة، كما تمكن سكان مقاطعة النافار من الاستفادة على بعض الامتيازات..
في ظل هذا القمع ظهرت حركة النضال"الإيتا" ( بلاد الباسك و الحرية)إلى الوجود في 31 جويلية 1959 من أجل بناء دولة اشتراكية موحدة و مستقلة، ذات لغة باسكية، و هذا يعني توحيد المقاطعات السبع الفرنسية و الإسبانية..
كانت حركات التحرر الوطنية في العالم الثالث نموذجا يحتذي به عند مؤسسي منظمة "الإيتا" و على رأسهم "جبهة لتحرير الوطني" FLN التي كانت صدر إلهام خاصة فيا يتعلق بالتسمية العسكرية للحركة، ما دفعها لتعرف عن نفسها في مؤتمرها العام ألأول الذي انعقد في فرنسا، بأنها حركة تحرير وطني اشتراكي تنشط من أجل الاستقلال الذاتي للباسك و الاعتراف به كدولة مستقلة و ليست طائفة دينية أو منظمة إرهابية
و قد وضعت منظمة الإيتا برنامج عمل على مدار 08 سنوات و أعدت نفسها لحرب عابات للنضال ضد المركزية الفرانكية، و أسست لها جبهة عسكرية ، كان أول عمل نظمته عام 1961 هو قتل أحد أفراد البوليس، أدى ذلك إلى تصدع عميق، و اضطر المؤتمر السادس إبعاد العناصر المتشددة من العسكريين الذين أسسوا "الإيتا" العسكرية في 1974 ، كونهم معارضين للحزب القومي الباسكي..
مطالب الحكم الذاتي ظهرت بظهور (رابطة) تأسست عام 1953 على يد قساوسة و طلاب (إنباتا)، وكان هذه الرابطة ذات طابع ثقافي، غير أن نشاطها تحول إلى العمل السياسي ن أجل الدعوة إلى قومية باسكية تعبر عن نفسها في إطار اتحاد أوروبي ، قدمت مشروعها في بيان عرف باسم "وثيقة اتكساسو"، طالت فيه بتقرير المصير و الاستقلال التام لدولة الباسك، كما دعت إلى إنشاء جبهة قومية باسكية تجمع كل القوى القومية، و لما كانت تؤيد منظمة الإيتا الإسبانية في مواقفها تم حظر نشاطها عام 1974 من قبل الحكومة الفرنسية..
تمتعت منظمة "الإيتا" بدعم شعبي مهم على الصعيد الوطني و الدولي، و رغم تبني النظام الديمقراطي في اسبانيا عام 1975 فإن نشاط هذه المنظمة لم يتوقف بل تضاعف في بداية 1980، و كثفت من عمليات العنف انتهت باغتيال 240 شخص، برهنت من خلال هذه العمليات أن الاستقلال التام هم مطلبها و ليس الحكم الذاتي الذي اعتمده البرلمان الإسباني و الذي كان لا ينطبق إلا على المقاطعات الثلاث ( لافار، بيسكاي و فيبوزكوا) بدأ انهيار الإيتا مع بداية التسعينيات عندما تم تصفية قيادتها عام 1992، و لكن استطاعت منظمة الإيتا من إعادة تنظيم نفسها و أساليب عملها بعدما أدركت أن الانتصار عسكريا على الدولة وهمٌ ، و لابد عليها من العمل السياسي، فكان عليها إلا الدخول في المفاوضات، وقدمت الإيتا البديل (كاس KAS ) و هو التنسيق الاشتراكي للوطنيين ، لخصت فيه المنظمة 05 مطالب ذكرها الدكتور بودبوس في كتابه أهمها الاعتراف بالسيادة لوطنية و الحق في تقرير المصير، بما في ذلك إنشاء دولة مستقلة وإنشاء بوليس باسكي ، كذلك الاعتراف باللغة الباسكية كلغة رسمية..
في عام 1996 أعلنت الإيتا الهدنة، وطالبت السلطان الجديد بأن يتخذ موقفا من أجل حل الصراع في بلاد الباسك و فتح الحوار تحت شروط معينة أهمها الاعتراف بالتعددية السياسية بين الشعب الباسكي..، و بعد فوز الحزب الشعبي PP في الانتخابات و وصوله إلى السلطة، تطور العنف في الشارع الباسكي، تم خلالها توقيف 23 عضو من قيادة "هيري باتاسونا" بتهمة التعاون مع منظمة "الإيتا" و الدعاية لها و مشاركتها في مقتل الرئيس السابق للمجلس الدستوري الإسباني في فيفري 1996، و حكم عليهم في ديسمبر 1997 بسبع سنوات سجنا لكل واحد منهم..، و من هنا أصبح منتخبو الحزب الشعب الهدف المفضل عند الإيتا، حيث قتل منهم 06 في سنة واحدة، ثم اغتيال المستشار البلدي من الحزب الشعبي، و هذا الاغتيال حسب الكتابات يمثل 761 من حوادث الاغتيال التي قامت بها منظمة "الإيتا" منذ عمليتها ألأولى التي جرت في 1968، كما أثار اغتيال مسؤول و زوجته في 1998 سخطا عند الرأي العام الإسباني فبدأ الدعم الشعبي للإيتا يتقلص و كان الانتصار لقوات الأمن..
إعداد / علجية عيش