تأسست منظمة الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية في 19 ماي 1975 وهذا بعد قرار من الرئيس هواري بومدين رحمه الله بضم كل الشباب الجزائري في تصور واحد و اوحد حتى يساهموا بشكل اجابي في معركة البناء و التشييد التي اتخذها الرئيس انا ذاك ، واهم فئات الشباب الذين شكلوا انطلاقة الاتحاد نذكر منهم شبيببة جبهة التحرير الوطني ، شباب الهلال الاحمر الجزائري ، الكشافة الاسلامية الجزائرية ، الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين .
مع تطور الحياة المدنية، وتعاظم دور السلطة والسياسة في الحياة الاجتماعية والفردية، ازداد ارتباط المصير الفردي والاجتماعي بالسلطة والدولة. فالدولة هي التي تتولى مهمة التربية والتعليم، وهي التي تصمم وتخطط الإعلام، وهي المسؤولة عن الأمن والنظام، وهي التي تدير شؤون الاقتصاد والمال، وهي الجهة المعنية بتقديم الخدمات، وهي التي تقرر علاقة الأمة والشعب بغيره من الأمم والشعوب، حرباً أو سلماً، صداقة أو عداء، تعاوناً أو مقاطعة. الاستاذ/نعمان عبد الغني
وهكذا فإن مصير الفرد والجماعة، أضحى مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالدولة، والعلاقة بالدولة تعني العلاقة بالسياسة والحياة السياسية، ولهذا صارت السياسية، والحياة السياسة، جزءاً هاماً وخطيراً من حياة الفرد، ومن حقه أن يهتم بمسألة السياسة والدولة، ونوع النظام الذي يحكمه؛ لأنّه يقرر مصيره، ويتدخل في كل شأن من شؤون حياته، بل وأخرته. والسياسة هي رعاية شؤون الأمة، وهي أبرز أمر من أُمورها التي يجب أن يهتم بها الفرد والجماعات المنظَّمة، وغير المنظمة. يلاحظ الجميع عزوف الشباب الجزائري عن الفعل السياسي، ويكاد الجميع يتفق على ضرورة الرجوع إلى الوراء للوقوف على الأسباب التي من شانها المساهمة في الاقتراب من تفسير هذه الظاهرة التي أضحى يتخوف منها الجميع والتي من شأن عواقبها أن تكون سلبية على مستقبل الجزائر. إن المتمعن في تاريخ الحديث يلاحظ أنه في مرحلة تاريخية سادت اختيارات ساهمت بقوة في إنتاج التسييس، إذ كانت تسود جملة من مظاهر الخضوع والامتثال لنموذج واحد للنظام السياسي عمل كل ما في وسعه لضمان استمرار يته بجميع الوسائل الممكنة، بدءا بالتنشئة الاجتماعية الهادفة لإخضاع مختلف الأجيال ووصولا بممارسة جملة من أساليب القمع، ومرورا بتضييق الخناق على الجامعة الجزائرية. وقد زاد الطين بلة مع عجز الأحزاب السياسية الجزائرية والتي ساهمت بجلاء في تكريس الواقع وعمل على إفشال مساهمة الشباب الجزائري في الحقل السياسي. ولعل من المؤشرات البارزة التي من شأنها تبيين عزوف الشباب عن السياسة، نسبة الشباب الجزائري المؤطر من طرف الهيئات السياسية بالجزائر. فلا يخفى على أحد أن النظام السياسي بالجزائر ظل يواجه على امتداد سنوات جملة من المصاعب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في علاقته مع الشباب. ويرى البعض أن عزوف الشباب عن السياسة ظاهرة عالمية لا تقتصر على الجزائر ودول العالم الثالث. وفي هذا الصدد تطرقت أكثر من دراسة إلى جملة من الأسباب منها انعدام الثقة في السياسيين والأحزاب السياسية باعتبار أن السياسيين لا يمنحون الثقة للشباب. وبالنسبة للجزائر، فإن بعض الباحثين الاجتماعيين يرجعون سبب هذا العزوف إلى الجانب التربوي، باعتبار أن الشباب عندما كانوا في سن المراهقة كان ممنوعا عليهم التكلم في الدولة ومؤسساتها، وغالبا ما كان هذا المنع يصدر من داخل العائلة، لاسيما وأن المقاربة الأمنية للدولة والمتمثلة في القمع وتضييق الخناق على الحريات الشيء الذي يكون قد ساهم في إنتاج مواطن منعدم الحس الوطني، وظل هم المواطن في مرحلة معينة إبعاد المتاعب عنه، إلى حد أن التعاطي للسياسة بالجزائر أضحى مغامرة كبيرة قد تقضي على من يخوض فيها. فمن الملاحظ أن الشباب لا يشارك في اللعبة السياسية، وهذا تعامل سلبي، وكأي ظاهرة في التعامل السلبي، فهي لا تكون وليدة الظرف وإنما غالبا ما تكون نتيجة تراكمات. وهناك الكثيرون يعتقدون أن الدولة سعت جاهدة وبكل الوسائل إلى إفراغ الركح السياسي من مختلف التوجهات السياسية المعارضة لها، وبالتالي فإن عزوف الشباب الجزائري عن الفعل السياسي يبدو طبيعيا لأنه نتيجة منتظرة لتوجه عام ساد على امتداد سنوات كان فيها الصراع السياسي مطبوعا بالتحكم في السلطة دون إمكانية تداولها بأي وجه من الأوجه. وبذلك يحمل البعض المسؤولية للدولة في هذا الصدد. لاسيما وأنه في السابق كان هناك تكريس واضح لعزل الشباب والحيلولة دون مشاركته في الساحة السياسية من أبوابها. وقد برزت إشكالية عزوف الشباب الجزائري عن الفعل السياسي بمناسبة الانتخابات الأخيرة التي تعرفها الجزائر في الثامن من افريل المقبل. وهذا طبيعي جدا ما دامت المشاركة السياسية الفعلية ليست وليدة قرار آني وإنما هي نتيجة لصيرورة. وفي هذا الصدد يبرز دور الهيئات السياسية والجمعيات وتتجلى مسؤوليتها التاريخية في هذا المجال. وتزداد ضرورة الاهتمام بهذه الإشكالية بعد أحداث 8 أكتوبر 1988 كمؤشر لظهور شكل جديد من الفعل السياسي. لاسيما وأن اليأس والتمرد استشرى وسط الشباب، وهو في واقع الأمر تمرد عن الدولة والمجتمع ما دامت لا الدولة ولا المجتمع ضمنا لشبابه مكانا تحت شمس وطنه. لكن هل هناك فعلا عزوفا للشباب عن الفعل السياسي؟ فإذا كان المقصود هو فهم ضيق للفعل السياسي، أي الانخراط في الأحزاب والمنظمات والمشاركة في الانتخابات، فيمكن قبول وصف الوضع بالعزوف. أما إذا تبنينا فهما واسعا للفعل السياسي، فإننا سنلاحظ أن هناك عدة حركات احتجاجية، منظمة من خارج الأحزاب والنقابات والهيئات، إلى درجة أنها أضحت مألوفة لدى الجميع بالجزائر، ولا يمكن نكران أن هذه الاحتجاجات شكل من أشكال الفعل السياسي. فهل الأمر يتعلق بعزوف عن الأحزاب السياسية والمشاركة في الانتخابات، وهذا يعني أن الشباب مازال يتطلع للمشاركة في الركح السياسي للجزائر ولكن عبر قنوات أخرى وأساليب أخرى ما دام فقد الثقة في الدولة والمجتمع ودواليبها التي لم توفر له إلا المزيد من الإقصاء والتهميش. وهذا أمر خطير وخطير جدا لا مناص من التعامل معه بعناية كبيرة اعتبارا لانعكاساته سواء الآنية أو المستقبلية، لاسيما إذا استمر غياب الشباب الجزائري من دائرة المشاركة في القرار السياسي. ويرى البعض أن العزوف عن الفعل السياسي بالجزائر لا يهم الشباب وحدهم وإنما يهم فئات وشرائح واسعة من المجتمع الجزائري. فكيف نطالب الشباب بالمشاركة والفعل السياسي وهم فاقدون الثقة في المؤسسات، عالمون علم اليقين أن القرارات تحدد خارج المؤسسات، وأن رأيهم لا وزن له لا داخل الحكومة ولا تحت قبة البرلمان، وهم الذين جربوا أكثر من مرة هاتين المؤسستين لاسيما وأن مشاكلهم ظلت مطروحة على امتداد سنوات وهم يعاينون كيف تم حل مشاكل لا تعنيهم، وتعني أقلية لا تكاد تبين بجرة قلم ؟ وفي طليعة المهتمين بالعمل السياسي والحياة السياسية هم الشباب، ذلك لأسباب عديدة أهمها: 1 ـ إنّ الشباب يحمل طاقة جسدية ونفسية، تؤهله للصراع والتحدي، أكثر من غيره، لذا يكون مهيّأً لمواجهة الارهاب، والاحتلال، والظلم السياسي. 2 ـ إنّ العمل السياسي، يستلزم العمل ضمن الجماعات السياسية، والشباب في هذه المرحلة يبحثون عن التعبير عن النزعة الجماعية فيهم، وهي الانتظام مع الجماعة، فيدفعهم نحو العمل السياسي دافع غريزي، بالإضافة إلى القناعة الفكرية. 3 ـ في مرحلة الشباب والمراهقة يتجه الانسان إلى التجديد والتغيير، لاسيما وأن ظروف الحياة المدنية تتطور بسرعة هائلة في مجال التقنية والعلوم، والاستخدام العلمي، فينخرط الشباب في العمل السياسي، رغبة في التغيير والإصلاح، والالتحاق بمظاهر التقدم والرقي المدني 4 ـ في مرحلة الشباب يكون الطموح في احتلال دور اجتماعي، والتعبير عن الإرادة بدرجة عالية، مما يدفع الشباب الى الانضمام الى الحركات، والتيارات السياسية، لاحتلال موقع اجتماعي، ودور مرموق في المجتمع. ومن سلبيات العمل والنشاط السياسي غير الموجّه في وسط الشباب ، أو الذي قاد الى مآس وانحرافات، هو الانضمام الى الأحزاب والمنظمات السياسية التي تحمل الأفكار والنظريات الغريبة على عقيدة الأمة ومبادئها وقيمها، وتستفحل في هذه الفترة الأفكار الغربية الرأسمالية، وتحت ستار الحرية، وتستهوي الكثير من الشباب، كما ضلع أكثر من جيل في ركاب الفكر الماركسي، وقدم التضحيات الهائلة الجسيمة، وانتهت تلك النظريات والأحزاب الى كارثة. وكم خسر جيل الشباب من حياته وطاقته وفكره ووقته في الدعوة الى الفكر الغربي والماركسي، فانعكست تلك النشاطات السياسية، والصراعات المريرة، بالسلب، واستهلاك جهود الأمة، والعبث بهويتها، وشخصيتها الفكرية والحضارية، ولم تزل الأمة وجيلها المعاصر يعيشان حالة من القلق والفوضى السياسية. إنّ مشكلة الارهاب، والاستبداد السياسي في عالمنا ا، هي من أخطر وأعقد مشاكل الإنسان في عالمنا ، تلقي بكل ثقلها وطاقاتها للحيلولة دون تفوق جيل الشباب المتعلم. لقد ظل الشباب دائما أول ما يسوق في الحملات الانتخابية للمترشحيين والأحزاب خلال المواعيد و الاستحقاقات وظلت المساحة التي يشغلها سواء في برامج المترشحين أو خطاباتهم الدعائية واسعة إذ يمثل الشباب الورقة الرابحة يمكن من خلالها كسب الأصوات بل المعركة الانتخابية يبقى السؤال المطروح عن الحيز الذي تحتله فئة الشباب في البرامج الانتخابية وفي ارض الواقع؟