استأنف الإخوة الفرقاء في جبهة التحرير الوطني، لقاءات التفاوض
لرأب الصدع الحاصل في الأفلان، نزولا عند أوامر تلقاها طرفا النزاع، بينها
الأمين العام عبد العزيز بلخادم، من الرئيس بوتفليقة، الرئيس الشرفي
للحزب، الذي يكون قد قال كلمته في أزمة الحزب العتيد بعد أن سكت عليها
أزيد من سنة كاملة، حيث التقى أمس بفندق "المونكادا"عبد العزيز بلخادم،
صالح قوجيل منسق حركة التقويم والتأصيل في محاولة جديدة للصلح تختلف عن
سابقتها من حيث الشكل والمضمون . وكشفت مصادر موثوقة، أن لقاء بلخادم بصالح قوجيل وجها لوجه بعد "جفاء
طويل "طبعته حرب التصريحات والتصعيد خاصة من جهة التصحيحية، حاول الطرفان
التكتم عليه، وعلى نقيض المرة السابقة التي بادر فيها بلخادم للصلح في
جوان الماضي، بتنقله الى منزله، اختار أمس أمين الآفلان أرضا محايدة للقاء، فكان
فندق "المونكادا" ببن عكنون الذي يحلو للعتيد جعله فضاء لضبط العديد من
مسائله الداخلية، وهو الذي كان شاهدا في المواعيد السابقة على كيفيات ضبط
قوائم الحزب في التشريعيات السابقة.
لقاء بلخادم وقوجيل رأسا لرأس دون حضور طرف ثالث، جاء مباشرة بعد
ملاحظات وجهها الرئيس بوتفليقة لبلخادم يوم الخميس الماضي حسب مصادرنا، إذ
دعاه فيها إلى التعجيل بتسوية الخلاف، الذي تحول الى أزمة تكاد تعصف
بمواقع الآفلان وتهدد مصيره في التشريعيات القادمة، إثر قرار التصحيحية الدخول بقوائم حرة من شأنها إخلال ميزان قوى العتيد وخلخلة قواعده، نظرا إلى حجم التهديدات التي تشكلها الرغبة الجامحة لدى المنتمين لطرفي الصراع في الحصول على مقعد النيابة.
..هذه التهديدات التي قد
تصل درجة إحداث نزيف داخلي للأفلان - يؤكد مقربون من الحزب - لن يكون أبدا
لصالحه، لأن دخوله برأسين من شأنه أن يفرق وعاءه الانتخابي، لصالح تشكيلات
سياسية أخرى، في ظل مجموعة من المتغيرات الجديدة التي تطبع الساحة
السياسية، تحضيرا لتشريعيات قال الرئيس بوتفليقة أنها لن تكون كسابقاتها، كما قال أنها ستضع مصداقية الجزائر في ميزان كل الدول.
الآفلان الذي أكد بلخادم لمرات عديدة أنه سيبقى القوى السياسية
الأولى في البلاد، تمكنت حسابات التشريعيات من خلط أوراقه، وجعلته بين
مطرقة الفرقة وسندان الصلح، بالنظر لما شكلته قوائم قوجيل من طعم استقطاب،
خاصة بعد أن فصل عدد من الوزراء أمرهم، وقرروا دخول التشريعيات كرؤوس قوائم للتقويمية، مثلما هو عليه الشأن بالنسبة لوزير التكوين المهني الهادي خالدي الذي اعتزم قيادة قائمة التقويمية بالوادي.
تدخل الرئيس لرأب صدع الأفلان وتسوية الأزمة ولو من بعيد،
وقراره بعد أزيد من سنة الخروج عن صمته، وهو الذي تعامل خلال طيلة هذه
الفترة مع هذه الأزمة على أنها مجرد خصومة داخلية لحزب سياسي فقط، فور
تدخله ودخوله على الخط حتى التزم الطرفان، وتوصلا أمس إلى اتفاق مبدئي كان
لوقت غير بعيد يبدو صعب التحقيق، هذه التسوية للخلاف وإنهاء الخصومة تحت
رعاية الرئيس، اتفقا الطرفان في لقائهما الذي تولى هندسته وزير التعليم
العالي رشيد حراوبية، على أن يعرض على المكتب السياسي للأفلان ومكتب
التقويمية غدا على أقصى تقدير، في وقت يرتقب أن يتم فيه الإعلان بصفة
رسمية على الإتفاق من الجانبين قريبا جدا، إذ تحفظ منسق الحركة التصحيحية
صالح قوجيل في اتصال مع الشروق أمس عن إعطاء أي تفاصيل عن اللقاء نزولا
عند إلتزامه بالعهد الذي قطعه لبلخادم بالتكتم على الأمر وبعدم الخوض في
المسألة مخافة من التشويش عليها، كما تجنب قوجيل الخوض في الشروط التي سبق وأن وضعها للصلح مع بلخادم، من أهمها ضرورة تطهير اللجنة المركزية من الدخلاء، فهل هي "نصائح" الرئيس أم حسابات التشريعيات؟