05 جويلية

موضوع: 05 جويلية 7/15/2008, 13:57

رجع الصدى لـ: المصدر ( صوت الاحرار )
قد تكون هذه العجالة رجعا، أو قد تكون وجعا•• وفي كلا الحالتين الصدى موجود، وسيظل إلى الأبد يعاودنا كل سنة، يقرع ذاكرتنا التي هي سريعة النسيان•• وبالفجيعة، حين ينسى ماهو مصدر عزتنا ولو كانت قد استنزفت هذا النبع الذي نرتوي منه دون أن نجدده توسيعا للمنبع وتخليدا لمأثر هو الباقي الأوحد والخالد الأبدي•••

ست وأربعون تنقضي، تمر عن يوم كان فيه الشعب الجزائري• كل الشعب الجزائري في أريافه ومدنه، في سهوله ووهاده، غنيه وفقيره، كبيره وصغيره، إمرأته ورجله، الصبي والفتى•• كانوا كلهم يرقصون ويغنون على لحن واحد: الاستقلال والحرية• كان ذلك في الخامس جويلية 1962، وكان هو الخامس الذي محى وأزال الذكرى والنشاز•• الخامس جويلية 1830 ذلك اليوم الذي حطت فيه غربان التغريب والتدمير والإحتلال على أسوار "المحروسة" الجزائر ونعقت فوقها الأكثر من قرن وثلث قرن•• حين نحيي اليوم هذه الذكرى•• هلا نعيشها ونستوعب أبعادها، معنى ومغزى، كما يجب أن تستوعب وكما يجب أن تستذكر وكما يفترض أن تعاش وتحيا ؟••• سؤال بريئ، ويطرح بمرارة لأن كل قيم ومآثر وأبعاد ذلك اليوم الذي كان تتويجا لسنوات طوال من المعاناة التي قل ما عانتها أمة في هذا الكون، قد طواها النسيان أو محاها الإهمال، أو شوهتها اللامبالاة، إلا صدور قلة هي بحكم سنة الله وبحكم طبيعة صيرورة الزمن تتجه نحو الفناء•• الخامس من جويلية - يوازي الفاتح نوفمبر، هذا كان البدء وذلك كان الخاتمة، وكلاهما جسدا عن حق وصدق عظمة أمة وتصميم شعب، توحد حين كان وحيدا يصارع أكثر قوة مادية للطغيان والهيمنة، ومن فقره المادي تولدت قوة معنوية واجه بها مصيرا مبرمجا، ليعيد صنع مصيره بنفسه فكان الإستقلال الذي انتزع انتزاعا ولم يوهب لنا ولم يقدم على طبق من ذهب، بل أتى سائرا واثق الخطى فوق جماجم وأشلاء وبقايا ضحايانا الذين قدمتهم هذه الأمة قربانا لتحرير الوطن طيلة قرن وثلث قرن آخر•• إن أمة، تنازلت عن ذاكرتها أو همشتها أو تجاهلتها فهي أمة آيلة إلى الزوال من التاريخ، حتى ولو بقيت في الجغرافيا•• وقد كانت هذه الأمة نبيلة في التضحية كريمة في المآثر عظيمة أمام جبروت القهر فقهرته، وأمام الطغيان فهزمته، هلا تستهويها صغائر الأمور لتنسى عظائمها التي كانت خلاقة لها ذات يوم، ذات فترة، ذات زمن، من أزمنة الظلمة الحالكة التي أرادت قوى القهر تسليطها عليها ؟! إن رجع الصدى•• وأنا أحبر هذه الكلمات بالمناسبة، وقد تكون ذاتية وقد تكون وجدانية•• لكن ما أحوجنا إلى إعادة استكشاف ذاتيتنا وإحياء وجداننا لأنها المنابع التي لا تنضب، منها ستستمد شحذا لهمة وتجديد العزيمة إن أردنا أن تكون لنا مكانة في عالم كل شيء فيه يتحرك ويتغير - لكن لا شيء فيه يأتي هكذا صدفة و أو خارج سياقه التاريخي من تراكم للقيم ولممارسات تندرج كلها ضمن حيوية مسار أمة ما، شعب ما، مجتمع ما، تتكامل فيه الجهود، جهود من سبق، وجهود من هو لاحق وجهود من هو آت بغية إثبات الوجود الفاعل وليس الوجود الحسي الذي يرى ولكنه لا ينتج البقاء والصمود والخلود•• ماذا يعرف جيل اليوم، جيل الحاضر - جيل الخامس جويلية عن اليوم المناسبة، عن الحدث، عن الذكرى؟•• أكيد - هو يوم عطلة، ومناسبة لرفع الراية الوطنية في الأماكن العامة - ذلك محصلة لممارسة تقليدية بروتوكولية تتعامل مع الشكل، وفي كل سنة ننسى المزيد من الجوهر من عمق أبعاد حدث استوعب ذات يوم كل الشعب الجزائري وجعله يغني عن لحن واحد متناسق•• لكن استعادة السيادة وانتزاع الإستقلال، والتطلع إلى فرض مكانة لأمة إن صححت ذات يوم مسار تاريخ، فهي مهددة اليوم للبقاء على هامشه• لقد كان الخامس جويلية استكمالا لملحمة رائعة•• هلا حفظنا وحافظنا على هذه الملحمة من الإندثار؟ - في التاريخ لا يزال الناس يستذكرون الملحمة الإغريقية منذ آلاف السنين، رغم أن غالبية أحداثها أساطير وخوارق خيالية•• ولا يزال الناس يتذكرون الشاهنامة - كما أن البعض يعرف لامية العرب•• ماذا بقي من ملحمة الشعب الجزائري التي كانت ذات يوم حديث الناس يتناقله الركبان؟•• •• وكل خامس جويلية والجزائر نتمنى أن تكون بخير•• !

» 05 جويلية 1962
» سعدان لازال يفضل ملعب 5 جويلية.. ''الخضر'' يواجهون البنين وديا يوم 11 فيفري بالبليدة