الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية UNJA
حكمة الله في إهباط آدم إلى الأرض 837940289
الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية UNJA
حكمة الله في إهباط آدم إلى الأرض 837940289
الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية UNJA
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية UNJA

يَـــــــــــانَــشءُ أَنْــــتَ رَجَــــــاؤُنَـــــا ,,,, وَبِـــكَ الـصَّـــبــــــاحُ قَــــدِ اقْــــتَــــــربْ
 
الرئيسيةالرئيسية  المجلةالمجلة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
اهلا بكم في شبكة الوحدة لسان حال الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية للإتصال بإدارة المنتدى نضع تحت تصرفكم بريد اكتروني unja.dz@gmail.com

~~|| جـــزائـــرنـا فــفـيـــــك بـــرغـــم الـعـــدا ســنــســــــــــود ||~~
تأسست منظمة الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية في 19 ماي 1975 وهذا بعد قرار من الرئيس هواري بومدين رحمه الله بضم كل الشباب الجزائري في تصور واحد و اوحد حتى يساهموا بشكل اجابي في معركة البناء و التشييد التي اتخذها الرئيس انا ذاك ،  واهم فئات الشباب الذين شكلوا انطلاقة الاتحاد نذكر منهم شبيببة جبهة التحرير الوطني ، شباب الهلال الاحمر الجزائري ، الكشافة الاسلامية الجزائرية ، الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين .

 

 حكمة الله في إهباط آدم إلى الأرض

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
&soli&
عضو أساسي
عضو أساسي
&soli&


ذكر
عدد المساهمات : 56
نقاط التميز : 5529
تاريخ التسجيل : 20/12/2009
العمر : 45

حكمة الله في إهباط آدم إلى الأرض Empty
مُساهمةموضوع: حكمة الله في إهباط آدم إلى الأرض   حكمة الله في إهباط آدم إلى الأرض Empty2/18/2010, 21:57

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اما بعد فإن الله سبحانه لما اهبط آدم أبا البشر من الجنة لما له في ذلك من الحكم التي تعجز العقول عن معرفتها والألسن عن صفتها:
· فكان إهباطه منها عين كماله ليعود إليها على أحسن أحواله فأراد سبحانه أن يذيقه وولده من نصب الدنيا وغمومها وهمومها وأوصابها ما يعظم به عندهم مقدار دخولهم إليها في الدار الآخرة فإن الضد يظهر حسنه الضد ولو تربوا في دار النعيم لم يعرفوا قدرها.
· وأيضا فإنه سبحانه أراد أمرهم ونهيهم وابتلاءهم واختبارهم وليست الجنة دار تكليف فأهبطهم الى الأرض وعرضهم بذلك لأفضل الثواب الذي لم يكن لينال بدون الأمر والنهي.
· وأيضا فإنه سبحانه أراد أن يتخذ منهم أنبياء ورسلا وأولياء وشهداء يحبهم ويحبونه فخلى بينهم وبين أعدائه وامتحنهم بهم فلما آثروه وبذلوا نفوسهم وأموالهم في مرضاته ومحابه نالوا من محبته ورضوانه والقرب منه ما لم يكن لينال بدون ذلك أصلا فدرجة الرسالة والنبوة والشهادة والحب فيه والبغض فيه وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه عنده من أفضل الدرجات ولم يكن ينال هذا إلا على الوجه الذي قدره وقضاه منإهباطه إلى الارض وجعل معيشته ومعيشة أولاده فيها.
· وأيضا فإنه سبحانه له الأسماء الحسنى فمن أسمائه الغفور الرحيم العفو الحليم الخافض الرافع المعز المذل المحيي المميت الوارث الصبور ولا بد من ظهور آثار هذه الأسماء فاقتضت حكمته سبحانه أن ينزل آدم وذريته دارا يظهر عليهم فيها اثر أسمائه الحسنى فيغفر فيها لمن يشاء ويرحم من يشاء ويخفض من يشاء ويرفع من يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء وينتقم ممن يشاء ويعطى ويمنع ويبسط الى غير ذلك من ظهور اثر أسمائه وصفاته.
· وأيضا فإنه سبحانه الملك الحق المبين والملك هو الذي يأمر وينهى ويثيب ويعاقب ويهين ويكرم ويعز ويذل فاقتضى ملكه سبحانه أن انزل آدم وذريته دارا تجرى عليهم فيها أحكام الملك ثم ينقلهم الىدار يتم عليهم فيها ذلك.
· وأيضا فإنه سبحانه أنزلهم الى دار يكون إيمانهم فيها بالغيب والإيمان بالغيب هو الإيمان النافع وأما الإيمان بالشهادة فكل احد يؤمن يوم القيامة يوم لا ينفع نفسا إلا إيمانها في الدنيا فلو خلقوا في دار النعيم لم ينالوا درجة الإيمان بالغيب واللذة والكرامة الحاصلة بذلك لا تحصل بدونه بل كان الحاصل لهم في دار النعيم لذة وكرامة غير هذه.
· وأيضا فإن الله سبحانه خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض والأرض فيها الطيب والخبيث والسهل والحزن والكريم واللئيم فعلم سبحانه أن في ظهره من لا يصلح لمساكنته في داره فأنزله إلى دار استخرج فيها الطيب والخبيث من صلبه ثم ميزهم سبحانه بدارين فجعل الطيبين أهل جواره ومساكنته في داره وجعل الخبيث أهل دار الشقاء دار الخبثاء قال الله تعالى ﴿لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [الأنفال:37] فلما علم سبحانه أن في ذريته من ليس بأهل لمجاورته أنزلهم دارا استخرج منها أولئك وألحقهم بالدار التي هم لها أهل حكمة بالغة ومشيئة نافذة ذلك تقدير العزيز العليم.
· وأيضا فإنه سبحانه لما قال للملائكة ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ [البقرة: 30]أجابهم بقوله ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 30] ثم اظهر سبحانه علمه لعباده ولملائكته بما جعله في الارض من خواص خلقه ورسله وأنبيائه وأوليائه ومن يتقرب إليه ويبذل نفسه في محبته ومرضاته مع مجاهدة شهوته وهواه فيترك محبوباته تقربا إليّ ويترك شهواته ابتغاء مرضاتي ويبذل دمه ونفسه في محبتي وأخصه بعلم لا تعلمونه يسبح بحمدي آناء الليل وأطراف النهار ويعبدني مع معارضات الهوى والشهوة والنفس والعدو إذ تعبدوني انتم من غير معارض يعارضكم ولا شهوة تعتريكم ولا عدو أسلطه عليكم بل عبادتكم لي بمنزلة النفس لأحدهم.وأيضا فإني أريد أن اظهر ما خفي عليكم منشأن عدوي ومحاربته لي وتكبره عن أمري وسعيه في خلاف مرضاتي وهذا وهذا كانا كامنين مستترين في أبي البشر وأبي الجن فأنزلهم دارا اظهر فيها ما كان الله سبحانه منفردا بعلمه لا يعلمه سواه وظهرت حكمته وتم أمره وبدا للملائكة من علمه ما لم يكونوا يعلمون.
· وأيضا فإنه سبحانه لما كان يحب الصابرين ويحب المحسنين ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ويحب التوابين ويحب المتطهرين ويحب الشاكرين وكانت محبته أعلى أنواع الكرامات اقتضت حكمته أن أسكن آدم وبنيه دارا يأتون فيها بهذه الصفات التي ينالون بها أعلى الكرامات من محبته فكان إنزالهم الى الارض من اعظم النعم عليهم ﴿وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾[البقرة: 105]
· وأيضا فإنه سبحانه أراد أن يتخذ من آدم ذرية يواليهم ويودهم ويحبهم ويحبونه فمحبتهم له هي غاية كمالهم ونهاية شرفهمولم يمكن تحقيق هذه المرتبة السنية إلا بموافقة رضاه وأتباع أمره وترك إرادات النفس وشهواتها التي يكرهها محبوبهم فأنزلهم دارا أمرهم فيها ونهاهم فقاموا بأمره ونهيه فنالوا درجة محبتهم له فأنالهم درجة حبه إياهم وهذا من تمام حكمته وكمال رحمته وهو البر الرحيم.
· وأيضا فإنه سبحانه لما خلق خلقه أطوارا وأصنافا وسبق في حكمه تفضيله آدم وبنيه على كثير من مخلوقاته جعل عبوديته أفضل درجاتهم أعنى العبودية الاختيارية التي يأتون بها طوعا واختيارا لا كرها واضطرارا وقد ثبت أن الله سبحانه أرسل جبريل الى النبي يخيره بين أن يكون ملكا نبيا أو عبدا نبيا فنظر الى جبريل كالمستشير له فأشار إليه أن تواضع فقال: "بل أن أكون عبدا نبيا" فذكره سبحانه باسم عبوديته في أشرف مقاماته في مقام الإسراء ومقام الدعوة ومقام التحدي، فقال في مقام الإسراء ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً﴾[الإسراء: 1] ولم يقل برسوله ولا نبيه إشارة الى انه قام هذا المقام الأعظم بكمال عبوديته لربه، وقال في مقام الدعوة ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾ [الجن: 19]، وقال في مقام التحدي ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ﴾ [البقرة: 23] وفي الصحيحين في حديث الشفاعة وتراجع الأنبياء فيها وقول المسيح "اذهبوا الى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" فدل ذلك على انه نال ذلك المقام الأعظم بكمال عبوديته لله وكمال مغفرة الله له وإذا كانت العبودية عند الله بهذه المنزلة اقتضت حكمته أن اسكن آدم وذريته دارا ينالون فيها هذه الدرجة بكمال طاعتهم لله وتقربهم إليه بمحابه وترك مألوفاتهم من اجله فكان ذلك من تمام نعمته عليهم وإحسانه إليهم.
· وأيضا فإنه سبحانه أراد أن يعرف عباده الذين انعم عليهم تمام نعمته عليهم وقدرها ليكونوا اعظم محبة وأكثر شكرا وأعظم التذاذا بما أعطاهم من النعيم فأراهم سبحانه فعله بأعدائه وما اعد لهم من العذاب وأنواع الآلام وأشهدهم تخليصهم من ذلكوتخصيصهم بأعلى أنواع النعيم ليزداد سرورهم وتكمل غبطتهم ويعظم فرحهم وتتم لذتهم وكان ذلك من إتمام الإنعام عليهم ومحبتهم ولم يكن بد في ذلك من إنزالهم الى الأرض وامتحانهم واختبارهم وتوفيق من شاء منهم رحمة منه وفضلا وخذلان من شاء منهم حكمة منه وعدلا وهو العليم الحكيم، ولا ريب أن المؤمن إذا رأى عدوه ومحبوبه الذي هو أحب الأشياء إليه في أنواع العذاب والآلام وهو يتقلب في أنواع النعيم واللذة ازداد بذلك سرورا وعظمت لذته وكملت نعمته وأيضا فإنه سبحانه إنما خلق الخلق لعبادته وهي الغاية منهم قال تعالى ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56] ومعلوم أن كمال العبودية المطلوب من الخلق لا يحصل في دار النعيم والبقاء إنما يحصل في دار المحنة والابتلاء وأما دار البقاء فدار لذة ونعيم لا دار ابتلاء وامتحان وتكليف.
· وأيضا فإنه سبحانه اقتضت حكمته خلق آدم وذريته من تركيب مستلزم لداعي الشهوة والفتنة وداعي العقل والعلم فإنه سبحانه خلق فيه العقل والشهوة ونصبهما داعيين بمقتضياتهما ليتم مراده ويظهر لعباده عزته في حكمته وجبروته ورحمته وبره ولطفه في سلطانه وملكه فاقتضت حكمته ورحمته أن أذاق أباهم وبيل مخالفته وعرفه ما يجنى عواقب إجابة الشهوة والهوى ليكون اعظم حذرا فيها واشد هروبا وهذا كحال رجل سائر على طريق قد كمنت الأعداء في جنباته وخلفه وأمامه وهو لا يشعر فإذا أصيب منها مرة بمصيبة استعد في سيره وأخذ أهبة عدوه وأعد له ما يدفعه ولولا انه ذاق ألم إغارة عدوه عليه وتبييته له لما سمحت نفسه بالاستعداد والحذر واخذ العدة فمن تمام نعمة الله على آدم وذريته أن أراهم ما فعل العدو بهم فاستعدوا له واخذوا أهبته فإن قيل كان من الممكن أن لا يسلط عليهم العدو قيل قد تقدم انه سبحانه خلق آدم وذريته على بنية وتركيب مستلزم لمخالطتهم لعدوهم وابتلائهم به ولو شاء لخلقهم كالملائكة الذين هم عقول بلا شهوات فلم يكن لعدوهم طريق إليهم ولكن لو خلقوا هكذا لكانوا خلقا آخر غير بني آدم فإن بنى آدم قد ركبوا على العقل والشهوة.
· وأيضا فإنه لما كانت محبة الله وحده هي غاية كمال العبد وسعادته التي لا كمال له ولا سعادة بدونها أصلا وكانت المحبة الصادقة إنما تتحقق بإيثار المحبوب على غيره من محبوبات النفوس واحتمال اعظم المشاق في طاعته ومرضاته فبهذا تتحقق المحبة ويعلم ثبوتها في القلب اقتضت حكمته سبحانه إخراجهم الى هذه الدار المحفوفة بالشهوات ومحاب النفوس التي بإيثار الحق عليها والإعراض عنها يتحقق حبهم له وإيثارهم إياه على غيره ولذلك يتحمل المشاق الشديدة وركوب الأخطار واحتمال الملامة والصبر على دواعي الغي والضلال ومجاهدتها يقوى سلطان المحبة وتثبت شجرتها في القلب وتطعم ثمرتها على الجوارح فإن المحبة الثابتة اللازمة على كثرة الموانع والعوارض والصوارف هي المحبة الحقيقية النافعة وأما المحبة المشروطة بالعافية والنعيم واللذة وحصول مراد المحب من محبوبه فليست محبة صادقة ولا ثبات لها عند المعارضات والموانع فإن المعلق على الشرط عدم عند عدمه ومن ودك لأمر ولي عند انقضائه وفرق بين من يعبد الله على السراء والرخاء والعافية فقط وبين من يعبده على السراء والضراء والشدة والرخاء والعافية والبلاء.
· وأيضا فإن الله سبحانه له الحمد المطلق الكامل الذي لا نهاية بعده وكان ظهور الأسباب التي يحمد عليها من مقتضى كونه محمودا وهي من لوازم حمده تعالى وهي نوعان فضل وعدل، إذ هو سبحانه المحمود على هذا وعلى هذا فلا بد من ظهور أسباب العدل واقتضائها لمسمياتها ليترتب عليها كمال الحمد الذي هو أهله فكما انه سبحانه محمود على إحسانه وبره وفضله وثوابه فهو محمود على عدله وانتقامه وعقابه إذ يصدر ذلك كله عن عزته وحكمته ولهذا نبه سبحانه على هذا كثيرا كما في سورة الشعراء حيث يذكر في آخر كل قصة من قصص الرسل وأممهم ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: 9:8] فأخبر سبحانه إن ذلك صادر عن عزته المتضمنة كمال قدرته وحكمته المتضمنة كمال علمه ووضعه الأشياء مواضعها اللائقة بها ما وضع نعمته ونجاته لرسله ولأتباعهم ونقمته وإهلاكه لأعدائهم إلا في محلها اللائق بها لكمال عزته وحكمته ولهذا قال سبحانه عقيب إخباره عن قضائه بين أهل السعادة والشقاوة ومصير كل منهم الى ديارهم التي لا يليق بهم غيرها ولا تقتضى حكمته سواها ﴿وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين﴾ [الزمر: 75].
· وأيضا فإنه سبحانه اقتضت حكمته وحمده أن فاوت بين عباده اعظم تفاوت وأبينه ليشكره منهم من ظهرت عليه نعمته وفضله ويعرف انه قد حبى بالإنعام وخص دون غيره بالإكرام ولو تساووا جميعهم في النعمة والعافية لم يعرف صاحب النعمة قدرها ولم يبذل شكرها إذ لا يرى أحدا إلا في مثل حاله ومن أقوى أسباب الشكر وأعظمها استخرجا له من العبد أن يرى غيره في ضد حاله الذي هو عليها من الكمال والفلاح، وفي الأثر المشهور: "أن الله سبحانه لما أرى آدم ذريته وتفاوت مراتبهم قال: "يا رب هلا سويت بين عبادك"، قال: "إني أحب أن اشكر"، فاقتضت محبته سبحانه لان يشكر خلق الأسباب التي يكن شكر الشاكرين عندها اعظم وأكمل وهذا هو عين الحكمة الصادرة عن صفة الحمد.
· وأيضا فإنه سبحانه لا شيء أحب إليه من العبد من تذلله بين يديه وخضوعه وافتقاره وانكساره وتضرعه إليه ومعلوم أن هذا المطلوب من العبد إنما يتم بأسبابه التي تتوقف عليها وحصول هذه الأسباب في دار النعيم المطلق والعافية الكاملة يمتنع إذ هو مستلزم للجمع بين الضدين.
· وأيضا فإنه سبحانه له الخلق والأمر، والأمر هو شرعه وأمره ودينه الذي بعث به رسله وانزل به كتبه وليست الجنة دار تكليف تجرى عليهم فيها أحكام التكليف ولوازمها وإنما هي دار نعيم ولذة واقتضت حكمته سبحانه استخراج آدم وذريته الى دار تجرى عليهم فيها أحكام دينه وأمره ليظهر فيهم مقتضى الأمر ولوازمه فإن اللهسبحانه كما أن أفعاله وخلقه من لوازم كمال أسمائه الحسنى وصفاته العلى فكذلك أمره وشرعه وما يترتب عليه من الثواب والعقاب وقد ارشد سبحانه الى هذا المعنى في غير موضع من كتابه فقال تعالى ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى﴾[القيامة: 36] أي مهملا معطلا لا يؤمر ولا ينهى ولا يثاب ولا يعاقب وهذا يدل على أن هذا مناف لكمال حكمته وأن ربوبيته وعزته وحكمته تأبى ذلك ولهذا اخرج الكلام مخرج الإنكار على من زعم ذلك وهو يدل على إن حسنه مستقر في الفطر والعقول وقبح تركه سدا معطلا أيضا مستقر في الفطر فكيف ينسب الى الرب ما قبحه مستقر في فطركم وعقولكم وقال تعالى ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾[المؤمنون: 116:115] نزه نفسه سبحانه عن هذا الحسبان الباطل المضاد لموجب أسمائه وصفاته وانه لا يليق بجلاله نسبته إليه ونظائر هذا في القرآن كثيرة.
· وأيضا فإنه سبحانه يحب من عباده أمورا يتوقف حصولها منهم على حصول الأسباب المقتضية لها ولا تحصل إلا في دار الابتلاء والامتحان فإنه سبحانه يحب الصابرين ويحب الشاكرين ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ويحب التوابين ويحب المتطهرين ولا ريب إن حصول هذه المحبوبات بدون أسبابها ممتنع كامتناع حصول الملزوم بدون لازمه والله سبحانه أفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه من الفاقد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في ارض دوية مهلكة إذا وجدها كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل من في ارض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال ارجع الى المكان الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه فالله اشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته" وسيأتي إن شاء الله الكلام على هذا الحديث وذكر سر هذا الفرح بتوبة العبد والمقصود أن هذا الفرح المذكور إنما يكون بعد التوبة من الذنب فالتوبة والذنب لا زمان لهذا الفرح ولا يوجد الملزوم بدون لازمه وإذا كان هذا الفرح المذكور إنما يحصل بالتوبة المستلزمة للذنب فحصوله في دار النعيم التي لا ذنب فيها ولا مخالفة ممتنع ولما كان هذا الفرح أحب الى الرب سبحانه من عدمه اقتضت محبته له خلق الأسباب المفضية إليه ليترتب عليها المسبب الذي هو محبوب له.
· وأيضا فإن الله سبحانه جعل الجنة دار جزاء وثواب وقسم منازلها بين أهلها على قدر أعمالهم وعلى هذا خلقها سبحانه لما له في ذلك من الحكمة التي اقتضتها أسماؤه وصفاته فان الجنة درجات بعضها فوق بعض وبين الدرجتين كما بين السماء والأرض كما في الصحيح عن النبي انه قال: "إن الجنة مائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض" وحكمة الرب سبحانه مقتضية لعمارة هذه الدرجات كلها وإنما تعمر ويقع التفاوت فيها بحسب الأعمال كما قال غير واحد من السلف: "ينجون منالنار بعفو الله ومغفرته ويدخلون الجنة بفضله ونعمته ومغفرته ويتقاسمون المنازل بأعمالهم"، وعلى هذا حمل غير واحد ما جاء من إثبات دخول الجنة بالأعمال كقوله تعالى ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[الزخرف: 72] وقوله تعالى ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[النحل: 32] قالوا وأما نفي دخولها بالأعمال كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "لن يدخل الجنة احد بعمله"، قالوا: "ولا أنت يا رسول الله"، قال: "ولا أنا" فالمراد به نفي اصل الدخول، وأحسن من هذا إن يقال الباء المقتضية للدخول غير الباء التي نفى معها الدخول فالمقتضية هي باء السببية الدالة على إن الأعمال سبب للدخول مقتضية له كاقتضاء سائر الأسباب لمسبباتها والباء التي نفى بها الدخول هي باء المعاوضة والمقابلة التي في نحو قولهم اشتريت هذا بهذا فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم إن دخول الجنة ليس في مقابلة عمل احد وانه لولا تغمد الله سبحانه لعبده برحمته لما أدخله الجنة فليس عمل العبد وان تناهىموجبا بمجرده لدخول الجنة ولا عوضا لها فإن أعماله وإن وقعت منه على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه فهي لا تقاوم نعمة الله التي انعم بها عليه في دار الدنيا ولا تعادلها بل لو حاسبه لوقعت أعماله كلها في مقابلة اليسير من نعمه وتبقى بقية النعم مقتضية لشكرها فلو عذبه في هذه الحالة لعذبه وهو غير ظالم له ولو رحمه لكانت رحمته خيرا له من عمله كما في السنن من حديث زيد بن ثابت وحذيفة وغيرهما مرفوعا الى النبي انه قال: "ان الله لو عذب أهل سمواته وأهل ارضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم لكانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم"، والمقصود إن حكمته سبحانه اقتضت خلق الجنة درجات بعضها فوق بعض وعمارتها بآدم وذريته وإنزالهم فيها بحسب أعمالهم ولازم هذا إنزالهم الى دار العمل والمجاهدة وأيضا فإنه سبحانه خلق آدم وذريته ليستخلفهم في الأرض كما اخبر سبحانه في كتابه بقوله ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾[البقرة: 30] وقوله ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ﴾[الأنعام: 165] وقال ﴿وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 129] فأراد سبحانه أن ينقله وذريته من هذا الاستخلاف الى توريثه جنة الخلد وعلم سبحانه بسابق علمه انه لضعفه وقصور نظره قد يختار العاجل الخسيس على الآجل النفيس فإن النفس مولعة بحب العاجلة وإيثارها على الآخرة وهذا من لوازم كونه خلق من عجل وكونه خلق عجولا فعلم سبحانه ما في طبيعته من الضعف والخور فاقتضت حكمته أن ادخله الجنة ليعرف النعيم الذي اعد له عيانا فيكون إليه أشوق وعليه احرص وله اشد طلبا فإن محبة الشيء وطلبه والشوق إليه من لوازم تصوره فمن باشر طيب شيء ولذته وتذوق به لم يكد يصبر عنه وهذا لان النفس ذواقة تواقة فإذا ذاقت تاقت ولهذا إذا ذاق العبد طعم حلاوة الإيمان وخالطت بشاشته قلبه رسخ فيه حبه ولم يؤثر عليه شيئا أبدا وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه المرفوع "أن الله عز وجل يسأل الملائكة فيقول ما يسألني عبادي فيقولون يسألونك الجنة فيقول وهل رأوها فيقولون لايا رب فيقول كيف لو رأوها فيقولون لو رأوها لكانوا أشد لها طلبا" فاقتضت حكمته أن أراها أباهم وأسكنه إياها ثم قص على بنيه قصته فصاروا كأنهم مشاهدون لها حاضرون مع أبيهم فاستجاب من خلق لها وخلقت له وسارع إليها فلم يثنه عنها العاجلة بل يعد نفسه كأنه فيها ثم سباه العدو فيراها وطنه الأول فهو دائم الحنين الى وطنه ولا يقر له قرار حتى يرى نفسه فيه كما قيل:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى *** ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الارض يألفه الفتى *** وحنينه أبدا لأول منزل
ولي من أبيات تلم بهذا المعنى :
وحى على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى *** نعود الى أوطاننا ونسلم
فسر هذه الوجوه انه سبحانه وتعالى سبق في حكمه وحكمته إن الغايات المطلوبة لا تنال إلا بأسبابها التي جعلها الله أسبابا مفضية إليها ومن تلك الغايات أعلى أنواع النعيم وأفضلها وأجلها فلا تنال إلا بأسباب نصبها مفضية إليها وإذا كانت الغايات التي هي دون ذلك لا تنال لا بأسبابها مع ضعفها وانقطاعها كتحصيل المأكول والمشروب والملبوس والولد والمال والجاه في الدنيا فكيف يتوهم حصول أعلى الغايات واشرف المقامات بلا سبب يفضى إليه ولم يكن تحصيل تلك الأسباب إلا في دار المجاهدة والحرث فكان إسكان آدم وذريته هذه الدار التي ينالون فيها الأسباب الموصلة الى أعلى المقامات من إتمام إنعامه عليهم وسرها.
· أيضا انه سبحانه جعل الرسالة والنبوة والخلة والتكليم والولاية والعبودية من اشرف مقامات خلقه ونهايات كمالهم فأنزلهم دارا اخرج منهم الأنبياء وبعث فيها الرسل واتخذ منهم من اتخذ خليلا وكلم موسى تكليما واتخذ منهم أولياء وشهداء وعبيدا وخاصة يحبهم ويحبونه وكان إنزالهم الى الارض من تمام الإنعام والإحسان.
· وأيضا انه اظهر لخلقه من آثار أسمائه وجريان أحكامها عليهم ما اقتضته حكمته ورحمته وعلمه وسرها.
· أيضا انه تعرف الى خلقه بأفعاله وأسمائه وصفاته وما أحدثه في أوليائه وأعدائه من كرامته وإنعامه على الأولياء وأهانته وأشقائه للأعداء ومن إجابته دعواتهم وقضائه حوائجهم وتفريج كرباتهم وكشف بلائهم وتصريفهم تحت أقداره كيف يشاء وتقليبهم في أنواع الخير والشر فكان في ذلك اعظم دليل لهم على انه ربهم ومليكهم وانه الله الذي لا إله إلا هو وأنه العليم الحكيم السميع البصير وأنه الإله الحق وكل ما سواه باطل فتظاهرت أدلة ربوبيته وتوحيده في الارض وتنوعت وقامت من كل جانب فعرفه الموفقون من عباده وأقروا بتوحيده إيمانا وإذعانا وجحده المخذولون على خليقته وأشركوا به ظلما وكفرانا فهلك من هلك عن بينةوحي من حي بينة والله سميع عليم ومن تأمل آياته المشهودة والمسموعة في الارض ورأى آثارها علم تمام حكمته في إسكان آدم وذريته في هذه الدار الى أجل معلوم فالله سبحانه إنما خلق الجنة لآدم وذريته وجعل الملائكة فيها خدما لهم ولكن اقتضت حكمته أن خلق لهم دارا يتزودون منها الى الدار التي خلقت لهم وأنهم لا ينالونها إلا بالزاد كما قال تعالى في هذه الدار ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [النحل: 7] فهذا شأن الانتقال في الدنيا من بلد الى بلد فكيف الانتقال من الدنيا الى دار القرار، وقال تعالى ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: 197]فباع المغبونون منازلهم منها بأبخس الحظ وأنقص الثمن وباع الموفقون نفوسهم وأموالهم من الله وجعلوها ثمنا للجنة فربحت تجارتهم ونالوا الفوز العظيم قال الله تعالى ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾ [التوبة: 111].
فهو سبحانه ما اخرج آدم منها إلا وهو يريد أن يعيده إليها أكمل إعادة كما قيل على لسان القدر يا آدم لا تجزع من قولي لك اخرج منها فلك خلقتها فإني أنا الغني عنها وعن كل شيء وأنا الجواد الكريم وانا لا أتمتع فيها فإني أطعم ولا أطعم وأنا الغني الحميد ولكن انزل الى دار البذر فإذا بذرت فاستوى الزرع على سوقه وصار حصيدا فحينئذ فتعال فاستوفه أحوج ما أنت إليه الحبة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف الى أضعاف كثيرة فإني اعلم بمصلحتك منك وأنا العلي الحكيم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
unja.dz
المدير
المدير
unja.dz


ذكر
عدد المساهمات : 1781
نقاط التميز : 8474
تاريخ التسجيل : 28/12/2007
الموقع unja

حكمة الله في إهباط آدم إلى الأرض Empty
مُساهمةموضوع: رد: حكمة الله في إهباط آدم إلى الأرض   حكمة الله في إهباط آدم إلى الأرض Empty2/19/2010, 11:24

شكرا soli على هذه الاضاحات في ما يخص حكمة انزال ادم على الارض بعدما كان في جنة النعيم
ولكن حكمة الله أنه شاء ان يفعل ما فعل وما يسعنا هنا الا القول بان رفعت الاقلام وجفت الصحف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://unja.yoo7.com
 
حكمة الله في إهباط آدم إلى الأرض
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الوصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم
» حكمة
» الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
» اليكم اكثر من 50 حكمة لعلها؟؟؟؟؟؟؟؟؟
» قصة صبي هدى الله به أمة من الناس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية UNJA :: قسم مراسلة الادارة والاشراف و المواضيع المحذوفة :: 

المواضيع المحذوفة والأرشيف

-
انتقل الى: