جبهة البوليزاريو

الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب حركة تحرير وطنية تأسست عام 1973، وعقدت إلى الآن العديد من المؤتمرات، وصدرت عنها أدبيات سياسية تتجلى في: قانون أساسي وبرنامج عمل يحدد مهام وآليات مختلف مؤسسات وأجهزة الحركة. وهي المكونة من مؤتمر شعبي عام ومكاتب عامة ومكتب أمانة، وأمانة وطنية، ومنظمات جماهيرية وسياسية ونقابية وثقافية ...



والجبهة الشعبية أعلنت قيام الجمهورية الصحراوية، وتراقب ثلث التراب الوطني الصحراوي، وتمارس حكومتها الوظائف التقليدية كأي حكومة في العالم. لكن الجبهة مهمتها الأساسية هي تحقيق تقرير مصير الشعب الصحراوي، وبعد ذلك يقرر الشعب الصحراوي ويفصل في مصير الجبهة نفسها

وترى الجبهة أن ما تدعيه المغرب من أن الصحراء جزءا لا يتجزأ من تراب المغرب الوطني منذ القدم، وأن لديها وثائق تثبت أن شيوخ القبائل الصحراوية كانوا يبايعون العرش العلوي، إنما هو



محض ادعاء لا يوجد عليه أي دليل، بل على العكس فهناك أدلة تشير إلى خلاف هذا الادعاء منها أن محكمة العدل الدولية في حكمها الصادر في أكتوبر عام 1975 لم تعترف بوجود علاقة سياسية تحول دون تطبيق القرار 1514 لتقرير مصير الشعب الصحراوي. كذلك هناك العديد من الفواصل منها:



· الجغرافيا عبر سلسلة جبال الأطلس.



· اللهجة الحسانية.



· النمط الاقتصادي والعيش.



· الاختلاف الواضح في اللباس والسكن.



· خاصية ثقافة وعادات 'البيظان'.



إضافة إلى ما سبق، فإن الجبهة ترى في نسيان المغرب لهذا الجزء الذي يدعي أنه من ترابه منذ استقلاله عام 1956 إلى عام 1975 دليلا على انفصالية هذا الجزء عن المغرب، كما يشيرون إلى أن قبول المغرب بتقسيم الصحراء الغربية من خلال اتفاقية مدريد في نوفمبر عام 1975 دليلا آخر على استقلالية الصحراء الغربية، وترى الجبهة أن المغرب إنما تريد ما تحتويه أرض الصحراء وساحلها الممتد على المحيط من خيرات ليس إلا.



كما تنفي الجبهة عن نفسها ما تصفها به المغرب من أنها لا تمثل الشعب الصحراوي وإنما هي مجرد أداة في يد النظام الجزائري يحركها كيف يشاء، حيث يردون على هذا الاتهام بأن النظام الجزائري لا تمكنه قدراته من إيجاد مثل هذه الآليات والمحافظة على وجودها واستمرار تحريكها لأكثر من ثلاثة عقود، كما أنهم يطرحون العديد من التساؤلات التي تنفي عنهم هذا الاتهام ومنها:



· هل يمكن لآلة أن تعلن قيام دولة وتحصل على اعتراف أكثر من سبعين دولة بها في كل القارات ؟



· هل يمكن لآلة أن تحصل على عضوية منظمة قارية 'منظمة الوحدة الأفريقية والاتحاد الأفريقي بعد ذلك' ؟



· هل يمكن لآلة أن تخوض حربا ضروسا بالرغم من استحالة المقارنة بين الإمكانات البشرية والمادية ؟



· هل يمكن لآلة أن تفاوض وتوقع خطة تسوية واتفاقية وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة ؟



· هل يمكن لآلة مراقبة العسكريين الموجودين على طول 2000 كم على خط المواجهة من سنة 1991 إلى الآن ؟



وتتشبث الجبهة بالمبادرات الأممية التي تنص على تنظيم استفتاء شفاف ونزيه بعيدا عن أي ضغوط معنوية أو عسكرية، وكان بعض قياديي الجبهة يرون أن خطة الطريق الثالث التي تقدم بها المبعوث الأممي جيمس بيكر وأعلن المغرب استعداده لقبولها إنما تهدف إلى حرمان الشعب الصحراوي من حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير من خلال دمجه غصبا عنه في المملكة المغربية تحت غطاء 'حكم ذاتي'، وعليه فقد كانت هذه الخطة مرفوضة من قبل زعماء الجبهة جملة وتفصيلا.



ولكن في تصريح أخير لزعيم الجبهة محمد عبد العزيز ذكر فيه أن خطة بيكر التي توصى بإجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية، 'لا يمكن إعادة التفاوض بشأنها'، ويجب أن تطبق 'دون تغيير'.



واعتبر عبد العزيز 'رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية' التي أعلنت استقلالها عام 1976، أن خطة تسوية مشكلة الصحراء الغربية 'موجودة، وهى خطة بيكر التي تبناها مجلس الأمن الدولي في يوليو 2003'.



ويتهم أعضاء الجبهة المملكة المغربية بأنها هي السبب الرئيس والعقبة الكئود في سبيل تحقق الوحدة بين شعوب المغرب العربي وذلك بسبب سياستها التوسعية منذ استقلالها، حيث طالب المغرب بموريتانيا منذ عام 1965 إلى عام 1969؟ وطالب كذلك بجزء من التراب الجزائري وشن حرب الرمال من أجلها عام 1963؟ وبسبب تلك السياسة أيضا أعلن الحرب على الصحراء الغربية عام 1975؟



كما أن الجبهة تتهم المملكة المغربية بعدم احترام ما توقعه من اتفاقات والتي منها ترك ملف الصحراء الغربية للأمم المتحدة، كما يتهمونها بأنها المسئولة عن تجميد مؤسسات الاتحاد المغربي عام 1989؟ وكذلك بإفشال قمة يونيو 2002؟



وتنظر الجبهة إلى إسبانيا على أنها القوة المسؤولة أخلاقيا وقانونيا عن الصحراء الغربية باعتبار أنها لم تسلم السيادة من خلال اتفاقية مدريد، وهذا ما أكده المستشار القانوني لمجلس الأمن من خلال التوصية المؤرخة في يناير عام 2002. وأن أسبانيا طرف مهم في الصراع من خلال مجموعة أصدقاء الأمين العام للأمم المتحدة مثل أمريكا وبريطانيا وروسيا.



أما موريتانيا فترى الجبهة أنه تربطها -دولة وشعبا- بالشعب الصحراوي روابط تاريخية وثقافية قوية جدا، وتعتبر أنها تمثل مع الجمهورية الصحراوية نوعا من التوازن. كما يرون أنها طرف مهم من خلال التسوية الأممية، حيث أنها تؤيد الحل الذي يلقى موافقة الطرفين، واستقرارها مرتبط بشمالها وجنوبها مما يجعل علاقتها بالقضية حساسة جدا.



والجزائر نالت حريتها من خلال حرب تحرير توجت باتفاقية سياسية واستفتاء، لها وضعية جغرافية واقتصادية تؤهلها لدور ريادي في المنطقة وموقفها من موضوع الصحراء الغربية معروف، وهي طرف مهتم من خلال خطة التسوية واتفاقات هيوستن، إلا أن المشكلات الداخلية وانشغال الحكومة الجزائرية بها قد زادت الموقف المغربي قوة في مواجهة الجبهة.



أما ليبيا ، فهي أول دولة ساندت ودعمت كفاح الشعب الصحراوي ضد الاستعمار الإسباني، وأول ممثلية للجبهة وكذلك أول محطة إذاعية وجدت في ليبيا عام 1974. وهي قوة اقتصادية وسياسية مؤثرة جهوديا وقاريا. وتعتبر الجبهة أن قيادة الجماهيرية يصعب عليها الاكتفاء بدور لا يليق بطموحها الذي تسعى إلى تجسيده ميدانيا، ولها علاقات متوازنة مع كافة الأطراف، إلا أنه من المعروف أن ليبيا قد تخلت منذ عام 1984 عن دعم البوليساريو مما يعد سببا في تقوية موقف المغرب.



ويشكل الموقف الأميركي وموقف الأمم المتحدة قلقا حقيقيا للجبهة حيث يخشى من أن يؤدي الانخراط المغربي القوي فيما يسمى محاربة الإرهاب 'الخلية النائمة في المغرب' إلى انحياز أميركي واضح ضد الجبهة، وبالتالي انحياز أممي مما يعني كشف الغطاء الأممي عن قضية الصحراء الغربية بعد أن كانت الأمم المتحدة تعتبر هذه القضية تصفية استعمار؟



ولكن زعماء الجبهة يرون أنه حتى وإن حصل تغيير في المواقف فهو تغيير في مواقف الآخرين نتيجة ظروف طارئة ومرحلية محدودة الاستعمال زمنيا، وأن ذلك لن يغير شيئا من حتمية حل هذا النزاع الدولي طبقا للشرعية الدولية وبموافقة صاحب الحق الأول والأخير في الحل العادل وهو الشعب الصحراوي.



ويرى زعماء الجبهة أن الوضع الحالي لمشكلة الصحراء الغربية والمجمد بسبب موقف المملكة المغربية التي تعتبر المستفيد الوحيد بسبب ما تجنيه من ثروات طبيعية برية وبحرية. وعليه فقد يضطر الطرف الصحراوي ممثلا في الجبهة إلى اتخاذ موقف متشدد قد يصل إلى مطالبة مينورسو 'بعثة الأمم المتحدة من أجل الاستفتاء' بالرحيل عن الصحراء الغربية، نظرا لفشلها في إنجاز المهمة التي أنشئت من أجلها وترك النزاع للوضعية التي كانت قائمة قبل ذلك، إذ من الواضح أن القيادة الجديدة بالمملكة المغربية بحاجة إلى خوض تجربة سلفها حتى تتأكد من أن النزاع لا حل له سوى الحل السياسي الذي يمر عبر ممارسة الشعب الصحراوي لحقه الطبيعي في تقرير المصير والاستقلال.
[center]