تأسست منظمة الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية في 19 ماي 1975 وهذا بعد قرار من الرئيس هواري بومدين رحمه الله بضم كل الشباب الجزائري في تصور واحد و اوحد حتى يساهموا بشكل اجابي في معركة البناء و التشييد التي اتخذها الرئيس انا ذاك ، واهم فئات الشباب الذين شكلوا انطلاقة الاتحاد نذكر منهم شبيببة جبهة التحرير الوطني ، شباب الهلال الاحمر الجزائري ، الكشافة الاسلامية الجزائرية ، الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين .
الحديث عن يوم الشهيد يستلزم الوقوف على أهم دواعي اعتماد 18 فبراير "يوما للشهيد" في الجزائر، فمن الضروري استعراض أهم المحطات خلال 19سنة من عمر الذكرى، وما سبقهمن مجريات مسار ثورة التحريرالمباركة، ومرحلة البناء والتشيد فور الستقلال .
من المعلوم أن عوامل انتصار الثورة الجزائرية على ثالث قوة عسكريةعالميا ، مدعومة بحلفائها الأطلسيين،هي عوامل متأتية أساسا عن روح التضحية العاليةللشعب الجزائري و حبه لوطنه و تمسكه بدينه و شخصيته العربية الاسلامية الجزائرية ،وذلك دليل قاطع و برهان ساطع على عبقريتة و مقدار تفانيه و إخلاصه في الدفاع عنحرمته و كرامته و وطنه،وهي قناعة لم تقتصر على كونها أساسا نظريا فحسب بل مرت فعلابمرحلة تطبيق ولقيت قبولا واسعا في الأوساط الجماهيرية حتى الاستقلال ،ثم أستمرالدفع الى عشريتين بعد الإستقلال في أروع صور التضامن الوطني و التآخي الاجتماعي،بين أفراد الشعب، لاسيما في البوادي و الأرياف معاقل المقاومة ومنطلقات سهام الجهادوونقاوة أرضية نما بذورالتضحية.
إلا أن هياكل الإدارة الإستعماريةالتي بقيت على حالها بعد الاستقلال ودعمها المندسون بقرابة 1000عون إدارة من المغرب، "للعلم فقد ظل المغرب تحت الحماية الفرنسية من عام 1912 إلى غاية عام 1956 حيثحصل على الاستقلال و تولى السلطان محمد الخامس العرش إلحين وفاته وخلفه ابنه محمدالخامس عام 1961،"لذا قد يكون الأعوان الموفدون من أختيار الإدارة الاستعمارية التيلم تسلم المملك المغربية من شرها، فظل ذلك الطاقم البشري يعمل بلغة الاستعمارو نمطتفكيره، و أسلوب تسييره، ووسائل سيرورته، مرجعية أفكاره آتية من وراء البحر،واستمرتأثير هذا التيار في المناصب الحساسة حتى بعد قرارات تأميم الثروات الوطنية (1967-1971)،وهوأمر أحدث بمرورالزمن ضغطا كبيرا في المسار الثوري و إعاقة تطوراته ونموه وإحداث ثغرات في جدار الوطنية،فبقي بذلك حاجزا في وجه تطلعات الجماهير الشعبية، وهاجسا مبهما في ساحة التنمية الوطنية.
وعندما هبت رياح الانقلابالدولي بما عرف بالإصلاحات في بداية الثمانينيات التي كانت بدايتها بداية انهيارالقطب الشرقي-"الاتحاد السوفييتي"-، وزامنه في الجزائر ذلكم الفراغ السياسي الكبيرالناتج عن وفاة الرئيس بومدين من جهة،والأوضاع الاقتصادية في البلاد المتولد عنتراجع الصادرات والواردات وتأثيرها على الإنتاج وجعل الاقتصاد محصورا في مرحلةتعديليه أدت إلى التضخم.
وتضرر معظم المجالات الرئيسية ،بما فيهاالإنفاق من جهة أخرى ، وانطلاق مشروع أساليب القطب الواحد، أو ماعرف بمبدأ" الحكومةالعالمية"الذي سخرت له الامبريالية بزعامة أمريكا، كل الوسائل الماديةوالمعنوية،فحدثت هزات اجتماعية في مناطق عديدة من العالم،ومن الطبيعي في هذهالأوضاع أن تحدث تناقضات بين الحكام والمحكومين من جهة وبين مختلف الفئاتالاجتماعية من جهة ثانية، في تلك المجتمعات التي مستها رياح الإصلاح هذه،فكان لذلكأثرا سيئا أيضا على الوضع في الجزائر،ودفعت أحداث 05أكتوبر1988م، إلى الاسراعبتعديل الدستور وفسح المجال أمام التعددية السياسية-"المادة-42" بكيفية عشوائيةوتهافت حينها الجميع للتكتلات السياسية. في هذا الجو القاتم والخضمالهائج،طفت على السطح بشكل جلي تلك التناقضات التي انتجتها الادارة الموروثة عنالاستعمار كما اسلفنا،تغذيها النوايا الشتات الناجمة عن تحالفات القادة العسكريينوالسياسيين إثر الازمة السياسية في صائفة 1962،تلك التحالفات التي أصابها الشلل فيسنة 1963وماتت تماما في 19جوان 1965،لكن تواجد الموروث الوباء أستمر، وهو ما دعاأبناء الشهداء إلى الالتقاء حول مسألة المسائل،لانقاذ البلاد بمشاركة المخلصين فيبناء الدولة التي استشهد من أجلها الملايين من خيرة أبناء الجزائر، بناء جزائرنوفمبر وترسيخ المشروع الحضاري للأمة الجزائرية وحمايته من المؤامرات التي حاكهاوكلاء الاستعمار متفننين في التشويه ،والتقزيم ،والتخريب ،لإجهاض المشروع،وكان لقاءأبناء الشهداء وهم بالأمس واليوم، الفئة الأقل حظا في المجتمع والأكثر حاجة الىالحماية،كان اللقاء مسئولا،يدايته البحث عن شكل لتنظيم لا يخدم السياسة من أجلالتهريج ولكن من أجل الحفاظ على الوطن وثوابت الأمة.
فبعد عدةلقاءات في السر تارة والعلن تارة أخرى،انعقدت ندوة 18فيفري1989وحضر المؤتمرالتأسيسي في أوت 1989، بمبادئ على قاعدة صحيحة،مدعومة بالإيمان العميق من أبناءأولئك الذي سقىآباؤهم شجرة الحرية بدمائهم،ثم أنعقت الندوة الثالثة(2،3 ماي 1991،والندوة الرابعة يوم 18جوان1993. لقد انصب الاهتمام في ندوة 18 فيفيري1989،علىالتصورات المستقبلية في ظل الثوابث والقيم التاريخية، والوفاء لتضحيات الشعبالجزائري وعهد الشهداء،فكان التفكير في تخليد ذكرى "الشهيد، كرمزلذلك"وتجنبا لأيلبس، وأعتبارا لمليون ونصف المليون شهيد خلال سبع سنوات ونصف،أي بمعدل شهيد كلدقيقتين،ارتأى المجتمعون أن كل يوم من أيام السنة يليق أن يكون يوم الشهيد ،ودونعناء، وقع الاختيارعلى 18فيفيري، اليوم الذي جمع أبناء الشهداء من جميع ولاياتالوطن في تلاحم مبدأي، في صورة شبيهة بتلاحم آبائهم ليلة أول نوفبر1954، وحصلالإجماع على مواصلة المسيرة التي بدأها الشهداء .
ومنذ ذلك التاريخأنشئت المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء ، وأنطلقت في نشاطها بفعالية وإصرار علىالمضي قدما في حماية مقومات الأمة وصيانة استقلال الجزائر وكرامة أبنائها، وكانتأكثر التطورات أهمية في حياة التنظيم هي مشاركة المخلصين الساعين إلى تجنب المخاطرالتي انهالت على المصالح الوطنية، بعدما عملت بقايا حثالة أعوان الاستعمارعلى إيقاظالفتنة النائمة،فكان حضورأبناء الشهداء قويا في ندوات الحوار ومسيرات التهدئة،كمسيرة 08ماي1994 التي حملت شعار المصالحة الوطنية( بمفهوم المصالحة بين الفرقاء،لا التصالح مع الخونة والاستعمار)، والجزائر حرة ديمقراطية، هذه المسيرة التي عرفتحضيرها حدثا مأساويا مروعا تمثل في اغتيال أبن الشهيد المناضل النشيط"عبد القادركسال"،يوم03ماي 1994، أمام بيته بضواحي الرويبة.
وتبعتها مع الأسفاغتيالات سياسية أخرى في صفوف أبناء الشهداء،والمثقفين، والوطنيين، .أكثرها بشاعةكان اغتيال "عبد الوهاب بن بولعيد "في ليلة22 مارس 1995 ، عشية ذكرى اغتيال أبيهعلى أيدي الفرنسيين قبل تسعة وثلاثين عاما،حين نصب له قتلته كمينا "بضواحي مدينةالأخضرية ، ولاية البويرة" وهو في طريقه إلى بلدته " باتنة" ليشارك كعادته فيالتأبين الذي يقام في ذكرى استشهاد أبيه. *رجل مثل مصطفى بن بولعيد ،أحد رموزمقاومتنا ،أبطال أمتنا، تهديه الجزائر جثمان ابنه "ذو55سنة"في يوم ذكرىاستشهاده.!!*، لم يكن عبد الوهاب إلا واحدا من المثقفين المغتالين -يوسفسبتي-الدكتور بوسبسي - محمد بوسليماني-جلالي اليابس -الطاهرجاووت- محمد بوخبزة- عمار قندوزي -عبد الحق بن حمودة،وغيرهم كثيرون ، من الذين دعوا إلى نبذ التشكيك فيالهوية الوطنية الجهنمية، و التقسيم تحت غطاء القبلية و الجهوية والطبقية .
ومع الأسف الشديد كانت تلك الأحداث و تفاعلها التدريجي أثناء محنةالجزائر،وما تزال ،عوامل مساعدة على بروز ظواهر غريبة ،تصنعها عناصرمأجورة عاملةبأساليب مباشرة أو بأسلوب المراوغة والتضليل السياسي، فمن استفحال الجهوية، إلىالانحرافات التاريخية و التخلي على أخلاقيات الثورة، والتهافت على الماديات و الكسببجميع الوسائل ، وظهور سلوكيات الفساد المالي و الميل إلى الاستهلاك و البذخ علىحساب طبقة الضعقاء، ومحو كل ماله علاقة بالوطنية ، وخدمة الوطن.. الخ.
و نظرا لتهاون الساسة المسيرين في التصدي لمخاطر هذه الأمراض، فقدامتد أثرها في أوساط الشباب ،وانتشرت ثقافة و لغة الاستعمار بشكل رهيب،واعتبارالكون أبناء الشهداء حملة رسالة آبائهم الذين قدما أنفسهم قربانا للحرية ،وجندالضمان استمرارية و حماية مبادئ ثورة أول نوفمبر الخالدة و دعما قويا لكل الوطنيينالمخلصين الذين لازالوا على عهد الشهداء باقون .فقد سعت أطراف إلى زعزعة هذاالتنظيم،وإحدثت انقسامات في صفوفه على غرار غيره من تظيمات الوطنيين ، بمحاولة وضعهفي بوثاقة المهرطقين و الإمعة القانعين بلقمة العيش ،وتحول مسيروها الحاليين الىخرق لحجب المفاسد،وهو ما أتاح الفرصة لمن كانوا شركاء في الفساد ليطلبوا علنا الغاءالتنظبم وحتى تنظيم المجاهدين ووزارتهم!!.. .
إن استكمال المسار فيالمجالات السياسية والاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية. يدعو المخلصين في هذاالوطن الى التصدي للهجمة الجديدة التي تشنها شردمة من بقايا الاستعماريين وأعوانهمالخونة من "الحركى والبياعين"والإسراع بالسعي إلى تهيئة الأرضية اللازمة لتسليمالراية إلى السلف الصالح عملا بمبدأ تواصل الأجيال و استمرارية الثورة، ومكافحة كلمن يمس بالثوابت الأساسية للأمة–الإسلام- و اللغة العربية و الأمازيغية -والوحدةالوطنية بكل معانيها، والعمل على حماية التاريخ من المأجورين الجدد منتحلي البطولاتسارقي الانتصارات، ومن ثم العمل على ترقية الحس المدني بتجسيده ميدانيا ،ربحا للوقتورفعا للهمم وحفظ الكرامة والحفاظ على ارث الثقافي الحضاري الذي هو مزيج من نضالشعب وثقافة صنعتها مؤثرات عربية وامازيغية(بربرية) وافريقية وأوربية حتى، بحكمالجوار والمبادلات.
مشكور أخي بومدين على مواضيعك القيمة، وأنى أدعوا الله أن يلهمنا حســن التوفيـق وأن يمكن لنا جميعا من تحقيـق آمال شبيبتنا ، وأن يمد لنا يد العون لـمواصلة رسالة شهداءنا الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون