من انجازات بوتفليقة

''الحياة في هذا البلد أصبحت لا تطاق'' (1)

•• أولا يجب أن أشير إلى أنني لست قائل ولا كاتب هذه العبارة•• كما أنني لست صاحب هذا الحكم، ولكنني واحد من الذين يعتقدون ويرددون بأن ''الحياة في هذا البلد أصبحت لا تطاق''•

•• قائل هذه العبارة•• وصاحب هذا الحكم•• لا أعتقد أنه يعاني من مشكلة سكن•• ولا مشكلة عمل•• ولا مشكلة نقل•• ولا أية مشكلة من تلك المشاكل التي تعترض المواطن في كل مكان•• وبالرغم من ذلك فالنتيجة التي توصل إليها وهو على مشارف الثمانين من العمر هي•• ''الحياة في هذا البلد•• أصبحت لا تطاق''!

•• والرجل محق في كلامه وحكمه•• فالمجاهد محمد مشاطي، عضو جماعة الاثنين والعشرين ـ أو الواحد والعشرين ـ التي قررت إشعال نار جهنم تحت أقدام فرنسا الاستعمارية•• كان يحلم بجزائر أفضل بكثير من ''هذه الجزائر'' التي لو تفتح فيها الحدود ولو تفتح فيها أبواب السفارات•• لما بقي فيها أحد!

ومن يبقى هنا•• في هذا البلد الذي لا يتقدم فيه إلا التخلف!•• بلد لا يتقدم فيه إلا الجهل•• والمرض•• والحفرة•• والجريمة•• والفساد•• والكذب•• واغتيال الأحلام•• ودفن الآمال••؟!

•• في يوم الأحد 14 ديسبمر الماضي•• أطل علينا السيد أحمد أويحيى من شاشة التلفزيون•• ليقرأ علينا مداخلته أمام المجلس الشعبي الوطني، الخاصة بتقديمه لـ''مخطط عمل من أجل تنفيذ برنامج السيد رئيس الجمهورية''•• 12 صفحة كاملة•• 35 سطرا في كل صفحة•• 12 كلمة في كل سطر•• في ''مهرجان'' الكلام هذا•• لا توجد جملة واحدة تستحق الوقوف عندها•• ولا رقم•• ولا إحصائية واحدة يمكن تصديقها••• الشيء الوحيد الإيجابي في تلك المداخلة هو عدم ذكر عبارة وصفة ''فخامته'' ولا مرة واحدة!!

الجزائر التي تحدث عنها الوزير الأول أقسم بأنني لا أعرفها!•• في ''مخطط عمل من أجل تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية''•• تقرأ أشياء تقتل بالضحك•• ففي الفصل الأول الذي يحمل عنوان ''تعزيز دولة القانون وتحسين الحكم الراشد''•• نقرأ مثلا العنوان الفرعي التالي: ''إدارة الحكم الإلكتروني''! أقسم بالله بأن هذا الكلام موجود في برنامج فخامته وفي الصفحة رقم 11 بالذات!؟

•• في ''مخطط عمل من أجل تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية'' الذي أعده الوزير الأول•• لن تجد•• ولن تقرأ أبدا•• بأنه وبفضل برنامج فخامته وبفضل الساهرين على تطبيقه•• الجزائر قد أصبحت أول دولة عربية طاردة للكفاءات العلمية نحو الخارج•• أي أول دولة طاردة لـ''المستقبل'' ولـ''العلم'' إلى العالم أجمع!

وبفضل برنامج فخامته وبفضل الساهرين على تطبيقه احتلت الجزائر•• هذا البلد الفسيح العريض•• هذا البلد الذي يطلق عليه بلد الفصول الأربعة•• هذا البلد بشواطئه وغاباته وصحرائه احتل المرتبة الأخيرة!•• نعم المرتبة الأخيرة•• في الترتيب العالمي الخاص بالسياحة والسفر؟!

•• وبفضل برنامج فخامته وبفضل الساهرين على تنفيذه احتلت الجزائر المرتبة 132 بعد قطاع غزة المحتل في تقرير ''مناخ الأعمال والاستثمار''، لسنة 2009؟!•• والمرتبة 92 في التصنيف العالمي الخاص بالفساد الذي تعده منظمة ''ترانسبارنسي انترناسيونال''؟!•• والمرتبة 121 في تقرير منظمة ''مراسلون بلا حدود'' من حيث تدني وتراجع مستوى حرية الصحافة والإعلام•• والمرتبة 13 عربيا (من بين 18) فيما يخص نفس الموضوع، أي الحريات الصحفية!•• والمرتبة 97 في مجال تكنولوجيا الإعلام، حسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس•• كما تراجعت الجزائر إلى المرتبة 16 (كانت تحتل المرتبة 14) في التقرير الصادر عن مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية الخاص بالاحتياطات النفطية!

•• وبفضل برنامج فخامته وبفضل الساهرين على تطبيقه وتنفيذه يحتل الجزائريون المرتبة الأولى في السجون الفرنسية، حسب فاليري دوكروا، مديرة إدارة السجون الفرنسية!•• والمرتبة الثانية في السجون البريطانية•• والمرتبة الثالثة في السجون الإسبانية والإيطالية!

السيد أحمد أويحيى وهو يقدم ''مخطط عمل من أجل تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية''•• لم يحدثنا عن حالة الاغتصاب التي تسجل يوميا•• لأن ''المغتصبة'' لن تكون إلا أختك أو أختي أو ابنتك أو ابنتي!•• ولم يتحدث عن أولئك الذين اضطروا لتنفيذ حكم الإعدام في أنفسهم•• الجزائر تسجل حالة انتحار يوميا•• وبالتأكيد هذا المنتحر لن يكون ابن أحمد أويحيى أو بنت السيد بلخادم أو سلطاني!•• وفي كل 36 ساعة يتم اختطاف طفل•• وهذا المختطف لن يكون بالتأكيد ابن أويحيى أو ابن أحد من طاقمه الحكومي•• بل قد يكون ابنك أو ابنتك•• أو ابن أو بنت أحد أقاربك أو ابن أو بنت الجيران والحومة!•• كل يوم ما بين 9 و 10 جزائريين من الجنسين ومن كل الأعمار والفئات•• يركبون زوارق الموت محاولين ''حرف'' البحر من أجل الهروب من ''الجحيم'' الجزائري•• وبالتأكيد لن تجد من بينهم ابن السيد أويحيى أو ابن السيد بلخادم أو أبو جرة وغيرهم من المسؤولين•• وإنما هذا ''الحراف'' الذي من الممكن أن يتحول إلى ''لقمة'' طرية لأسماك البحر أو معتقل في أحد المحتشدات الإسبانية أو الإيطالية، هو ابنك أنت أو ابني أنا أو ابن شخص تعرفه أو ستعرفه•• سيكون دائما هو •• هو•• نفس الشاب•• ابن واحد من هذا الشعب•

أويحيى لم يتحدث عن ظاهرة مزارع الحشيش والأفيون وبأموال الدعم الفلاحي!•• ولم يتحدث عن ظاهرة تعاطي المخدرات في الوسط المدرسي! ولم يقل لنا بأن مصالح الأمن لا توقف إلا نسبة 15% من الكميات التي يتم إدخالها إلى البلد وأكثر من ذلك••• فـ (80%) من مجموع الكميات المحجوزة ترمي بها أمواج البحر إلى الشاطئ وتصادرها مصالح الأمن بعد إبلاغهم من طرف المواطنين؟!•• وبأن 85 % من المدمنين على المخدرات في الجزائر شباب لا يتعدى سنهم 35 سنة؟!•• كما لم يقل لنا بأن 85% من البطالين الذين هم بلا مستقبل ولا آفاق هم أيضا من الشباب الذين لا يتعدى عمرهم الـ(35) سنة؟!

أويحيى لم يخبرنا أيضا•• بأنه ولأول مرة في تاريخ الجزائر تتجاوز فيه حالات الطلاق (35 ألف) عدد حالات الزواج؟!•• وبأن الجزائر تسجل أضعف معدلات النجاة من مرض السرطان في العالم لأنها لا تنفق سوى 4% من الناتج القومي على الرعاية الصحية!•• أويحيى لم يخبرنا كذلك بأن 70% من رواتب الجزائريين لا تتناسب مع نفقاتهم، وأنه لابد من توفر 03 أجور في البيت الواحد حتى تضمن العائلة حياة كريمة!•• ولم يحدثنا عن التصحر الذي أصبح على أبواب تلمسان والعاصمة!•• وعن الاقتصاد الجزائري المحمي فقط بنسبة 9%!•• وعن هذه الجزائر التي لا تساوي حتى واحد مليار دولار فقط في غياب البترول والغاز•• وحتى هذه الـ(600مليون) أو (700 مليون دولار) التي تصدر خارج المحروقات ليست إلا نفايات وخردة حديد وبعض الأواني الفخارية والجلدية وقليل من الحلزون!•• وهو مبلغ لا يسد حاجيات البلد من ''غبرة'' الحليب فقط!

•• في العام الذي مضى سمعت وقرأت عن أشياء حدثت في زمن فخامته•• لا يصدقها العقل•• ولكنها حدثت ومن المنتظر أن يحدث أسوأ مها••

•• المواطن (ع• م) من لاية تيارت (فرندة) وبعد أن سدت في وجهه كل الأبواب لم يجد من وسيلة ليعبّر بها عن تذمره بعد حرمانه من سكن إلا أن قام بتخييط فمه بالإبرة والخيط! •• الشاب (ب• ذ) من مدينة المسيلة قام بسكب البنزين على كامل جسده ثم أشعل النار في نفسه مما تسبب له في حروق متفاوتة الخطورة! بسبب رفض مدير الأمن الحضري السابع بحي 300 مسكن، سحب الشكوى التي أودعها ضد أحد المواطنين؟!• شهدت محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء بومرداس تفاصيل قضية غريبة•• متعلقة بتجارة الأطفال الرضع•• بطلتها عجوز طاعنة في السن ''اعتادت بيع الرضع بأسعار أقل من أسعار أضاحي العيد''؟!•• وفي مدينة البليدة وبسبب الفقر والمرض وسياسة الحكومة الرشيدة ورعاية وزير التضامن الغائبة•• أقدمت سيدة على عرض بناتها الثلاث للبيع؟!•• في نهاية شهر نوفمبر الماضي أطلقت مصالح الأمن بباتنة سراح شابين بعد أن استمعت إلى أقوالهما••(م• ع) وصديقه سافرا إلى القاهرة مارين بتونس وليبيا، لما وصلا إلى هناك توجها إلى السفارة الإسرائيلية ليطلبا حق الهجرة إلى إسرائيل لأنهما من أصول يهودية (وهي مجرد كذبة)، لكن رجال الأمن المصريين الذين يتولون حراسة السفارة ساقوهما إلى مركز الشرطة•• عاد الصديقان إلى الجزائر•• ليصرح أحدهما بأنه لن يتردد ''في إعادة التجربة والهجرة إلى إسرائيل إذا ما أتيحت لي الفرصة، لسبب بسيط، لأنني لم أجد عملا أرتزق منه''؟!•• أمام قاضي محكمة باب الوادي وقف الشاب (ك• م) 23 سنة الذي اعترف بفعل السرقة والاعتداء•• كما فاجاء الحاضرين قائلا: ''أنا كرهت الدنيا، كرهت حياتي•• كرهت كل شيء''•• وأضاف: ''راني حاب ندخل للحبس''!••

الإحصائيات تقول إن 42% من المساجين الجزائريين (أي تقريبا النصف) يعودون إلى الإجرام بعد الإفراج عنهم ومن ثم العودة إلى السجن من جديد؟!•• •• هل تتذكرون قصة الشاب (ل• ع) 23 سنة هو الآخر•• ابن ولاية برج بوعريرج•• للذين نسوا قصته وللذين لا يعرفونها•• نقول•• إن هذا الشاب وبسبب البطالة ورؤيته لمستقبله يضيع في هذا البلد•• قام، مستعملا شفرة حلاقة، بقطع عضوه التناسلي في محالة للانتحار؟!•• لكنه و''للأسف''• لم ينجح؟!•• وفي منتصف شهر ديسمبر وقف أسامة• ق أمام محكمة الجنح بمدينة المنيعة كمتهم في قضية ضرب وجرح عمدي•• وفي جلسة انعقدت بصفة علنية استمعت هيئة المحكمة لأصغر متهم في تاريخ القضاء الجزائري•• فعمر أسامة• ق لا يتجاوز 5 سنوات!•• وللمرة الأولى أيضا في تاريخ القضاء الجزائري تمت متابعة طفل في السادسة بمحكمة قايس (خنشلة) بتهمة القتل الخطأ؟!••

طبعا مثل هذه القصص المرعبة•• لن تقرأوا عنها أبدا في برنامج فخامة رئيس الجمهورية•• ولا في كلمة وزيره الأول أو الأخير!

منذ أسابيع وبعد لقاء مولودية العاصمة واتحاد العاصمة•• خرج مناصرو الفريقين بعد نهاية المباراة وهم يصيحون بأعلى أصواتهم وتحت وأمام أنظار رجال الأمن•• ''الإرهاب ولا أولاد (•••) ''!!
•• فهل بعد كل هذه الخيبة•• خيبة؟ وبعد هذا الغضب•• غضب؟•• وبعد كل هذا العدم••