بشهادة توينبي : ابن خلدون تعامل مع العالم بموضوعية فاعلة

بشهادة توينبي : ابن خلدون تعامل مع العالم بموضوعية فاعلة

يعد ابن خلدون من كبار العلماء إذ قدم نظريات كثيرة في علمي الاجتماع والتاريخ ، بشكل خاص في كتابه المقدمة، فقد درس ابن خلدون الظواهر الاجتماعية، وكشف القوانين التي تخضع لها الظواهر الاجتماعية، سواء في نشأتها في تطورها، ولم يكتف بالوصف وعرض الوقائع وبيان ما هي عليه، وإنما اتجه اتجاهاً جديداً في بحوثه الاجتماعية، جعله يعلن بصراحة أن التطور هو سنة الحياة الاجتماعية

و أخضع ابن خلدون الظواهر الاجتماعية إلى القوانين، ذلك لأن الظواهر الاجتماعية غير قابلة للركود والدوام على حالة واحدة، ومن ثَمّ كانت الأنظمة الاجتماعية متباينة حسب المكان والزمان كما اعتبر ابن خلدون بأنه الوحيد الذي قام بدراسة الظواهر الاجتماعية على هذا النحو و لم يسبقه إليها أحد و هي بذلك مستحدثة في قوله: "واعلم أن الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة غريب النزعة، غزير الفائدة، أعثر عليه البحث وأدى إليه الغوص"..

و"قد حاول ابن خلدون عقلنة" التاريخ، في رواياته التاريخية والخروج من عباءة "المؤرخ الناقل" إلى ثوب "المؤرخ المحقق" ، بحيث اعتمد في ذلك على المنهج الاستقرائي المبني على الملاحظة، عرّف التاريخ على أنه فن عزيز المذهب، جم الفوائد، شريف الغاية، يوقف المرء على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم، و ينتقد المؤرخين و المفسرين، وأئمة النقل لوقوعهم في الأخطاء و هم ينقلون الحكايات والوقائع، لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا أو سميناً، دون أن يعرضوها على أصولها، ، أو يسبروها لمعيار الحكمة، والوقوف على طبائع الكائنات، وتحكيم النظر والبصيرة في الأخبار، فضلوا بذلك عن الحق..

وقد أدرك ابن خلدون هشاشة المجتمع الحضري العربي سياسيا، حيث أشار إلى أن "أهل الحاضرة عيال على غيرهم في المدافعة الممانعة"، ومازالت الإشكالية تواجه مجتمعات المدن العربية، أو المجتمعات المدنية، أمام قوى البوادي والأرياف التي تحتكر إنتاج السلطة ممثلة بذلك اخطر العوائق أمام التطور الديمقراطي الحقيقي، وبذلك أولى أهمية قصوى لقوانين التاريخ والاجتماع في حركات التغيير التي لا بد في نظره أن تأخذ بأسباب القوة المجتمعية في المواجهة وألا تندفع إلى العمل الانتحاري المهلك للنفس دون رؤية ودون عقل سياسي..

إن الإلمام بدراسة جانب محدد من جوانب حياة زاخرة بالإبداع الفكري والعطاء الثقافي والعلمي، كحياة فيلسوف العروبة والإسلام عبد الرحمن بن خلدون مسألة تقتضي البحث المسهب في ذلك التراث الأصيل الذي تركه للأجيال هدية رائعة لا تقدر بثمن،ولا تبقى مقدمته ليست مجرد مقدمة في التاريخ وإنما مقدمة لا غنى عنها لتأسيس وعي عربي جديد قادر على التعامل مع العالم بموضوعية فاعلة..

و للإشارة أن ابن خلدون عرف أنه مؤرخاً وليس محدثاً، له باع وصاحب إبداع في التاريخ حتى قرن اسمه بالتاريخ وفلسفة التاريخ بما خطه في كتابه المقدمة الذي نشر في بريطانيا سنة 1958، وقد أكد العالم و المؤرخ وعالم الاجتماع أرنولد توينبي، من أن مقدمة ابن خلدون «أعظم مؤلف من نوعه، لم يقم بإنجازه أي عقل من قبل في أي زمان ومكان".

علجية عيش

شكرا

ابن خلدون من بين الشخصيات الكبيرة والمشهورة في عالمنا العربي وله عدة مؤلفات وافكار قيمة وهو صاحب السبق فيها

شكرا مرة اخري اختي علجية عيش